ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:18/04/2024 | SYR: 18:15 | 19/04/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

 الحكومة ترفع من سوية القضايا المطروحة وتتخذ قراراً تنفيذياً ضعيفاً واحداً .. !
طلبت مذكرة عن الإجراءات الضرورية لتسويق الحمضيات والمنتجون ماضون يأساً بقلع بياراتهم .. !
07/10/2020      



الدعم الحكومي موصول هذا العام لموسم الحمضيات .. والمعمل لم يعد إبرة مخدر

 

 

سيريا ستيبس – علي محمود جديد

رفع مجلس الوزراء من سوية وأهمية القضايا التي طرحها في جلسته لهذا الأسبوع .. قياساً بجلسته التي وصفناها بالباهتة في الأسبوع الماضي، غير أن جلسة هذا الأسبوع خلت من أي قرار تنفيذي حقيقي، باستثناء قرار واحد بدا وكأنه قد جاء متسللاً إلى المجلس.

حيث قرّر مجلس الوزراء ( موافقاً ) على زيادة كمية البنزين المعبأة كل سبعة أيام لتصبح 40 ليتراً بدلاً من ثلاثين، وفي الحقيقة فإن هذا القرار لم يكن لائقاً بالمقام الرفيع لمجلس الوزراء، ولا حتى بمقام وزارة النفط، وكان يكفي أن تتخذه إدارة شركة محروقات.

كنّا نأمل من مجلس الوزراء أن يُسمعنا قراراً حاسماً بإنهاء أزمة البنزين، ولو كان بعد شهرٍ من الآن، لنذهب بعد شهرٍ إلى محطات الوقود ونرى أنّ الأزمة قد انتهت فعلاً، ولكن يبدو أنه أمام العجز عن مصارحة الناس بتحديد موعدٍ لانتهاء الأزمة تمّ اللجوء إلى اتخاذ مثل هذا القرار الهزيل الذي لم يُقدّم شيئاً ولم يؤخّر أمام هذه الأزمة التي ما تزال بمنتهى التفاقم.

نعتقد أن توجيهات السيد رئيس الجمهورية للحكومة لم تكن كذلك، فقد أكّد سيادته على ضرورة مصارحة الشعب بالمصاعب والملمّات، وقد راهن السيد الرئيس على أنّ الشعب يعي ويُقدّر بل ويتعاطف عندما تتمّ مصارحته .. ونحن لا ندري لماذا هذا التكتّم كلّه ..؟! ولماذا هذا القفز الخطير فوق الوقائع ..؟!

وركز المجلس في جلسته الأخيرة يوم الاثنين الفائت ( حيث عقد جلسته الاثنين بدلاً من الثلاثاء باعتبار أن الثلاثاء حيث الموعد الرسمي للجلسة، كان عطلة رسمية بمناسبة ذكرى حرب تشرين التحريرية ) ركّز على عدة نقاط، كان أبرزها تكريس مبدأ المتابعة وهذا أمرٌ بالفعل مهم جداً، والاهتمام بالكوادر الشابة كي تلعب أدواراً قيادية تستطيعها، وهذه لفتة مثيرة للأمل، بالإضافة إلى تعزيز التشاركية مع القطاع الخاص، وتفعيل المبادرات المجتمعية للإسهام بتحسين الواقع الاقتصادي، فلا خلاف على ذلك.

وقال الخبر الرسمي لجلسة المجلس بأن المهندس عرنوس قد ( شدّد ) على وضع خططٍ قصيرة المدى بما يسمح بالمتابعة المستمرة للمستجدات وتفادي حدوث أي طارئ.

لا بأس في ذلك، فالخطط القصيرة المدى لهذه الحكومة القصيرة المدى أيضاً، مناسبة جداً، ومنسجمة مع الواقع، وعلى كل حال لا يكفي أن نقف عند ( التشديد ) على وضع مثل هذه الخطط القصيرة، إذ لا بد من أن نرى شيئاً على الأرض، ونعلمُ يوماً بطبيعة ووظائف هذه الخطة أو تلك، ونتابع تنفيذها السريع، ونشهدُ إنجازها، أما الاكتفاء بالتشديد فمصيره تقطيع حبال هذه الخطط .. وفشلها المحتوم سلفاً .. وهذا إن وجدت أصلاً.

وطبعاً هناك ضرورة أيضاً إلى الالتفات نحو الخطط الاستراتيجية، وقد ( شدّد المجلس على ذلك ) للسير بها إلى أن تنتهي ولاية الحكومة بعد تسعة أشهر، وعلى هذه الخطط الاستراتيجية أن تُشكّل سلسلة من المقاطع التنفيذية المتتابعة، تُنهي هذه الحكومة ما تُنهيه منها، لتستلم الحكومة التالية راية المتابعة بعدها.

 و ( شدّد ) المجلس أيضاً على تفقد المنشآت والمشاريع الحيوية في المحافظات للوقوف بشكل مباشر على واقعها والمعوقات القائمة والعمل لتذليلها، وهذا أمر مهم أيضاً، وثمة لجان وزارية تفعل ذلك، غير أن المجلس ( شدّد ) أيضاً على تطوير آلية عمل اللجان الوزارية المكلفة تتبع تنفيذ المشاريع الحكومية لتكون أكثر فاعلية، دون أن يوضح كيف يمكن تطوير تلك الآليّة، ولكن بالعموم فلا بأس بأن يخضع كل شيء للتطوير.

وطالب المجلس الوزارات المعنية – والتي منها بطبيعة الحال الزراعة، والتجارة وحماية المستهلك، وربما الاقتصاد أيضاً – إعداد مذكرة حول الإجراءات الواجب اتخاذها لتسويق موسم الحمضيات، غير أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كانت قد بادرت إلى اتخاذ أهم إجراء بهذا الصدد، حيث أكد وزيرها السيد طلال البرازي – وبكل برودة أعصاب – أن استيراد الموز سيبدأ اعتباراً من الأسبوع القادم، أي مع بدء مظاهر النضج لموسم الحمضيات، ولنفترض أن الموز لا يؤثر على عملية تسويق الحمضيات باعتباره ليس من الحمضيات، ومنطقياً لا يمكن لسلعتان متغايرتان أن تكونا متنافستين، كما أن مشكلة الحمضيات – كما يراها بعض الاقتصاديين والتجار والمتابعين – لا تتعدى قانون العرض والطلب ونظامه الحاكم للسوق، فالفائض الكبير من إنتاج الحمضيات في اللاذقية وطرطوس والذي يفوق عادة المليون طن، يؤدي خلال أيام الموسم وأشهره إلى زيادة العرض، وبالتالي لا بد من انخفاض السعر كارتدادٍ لهذه الزيادة في العرض تلقائياً.

نعم .. لنفترض ذلك، غير أنّ جميع منتجي الحمضيات يعتقدون ويؤكدون ويؤمنون ( ويشدّدون ) أن فتح الطريق لاستيراد الموز في موسم الحمضيات من شأنه أن يضرب موسم الحمضيات عن بكرة أبيه، وذلك على الرغم من كونهما فاكهتان متغايرتان، فالمنتجون للحمضيات يعتقدون بأن تغلغل الموز في السوق أيام موسمهم يدفع المستهلكين تلقائياً لاختيار الموز بدلاً من الحمضيات وذلك أمام عدم اكتراثهم بأهمية الحمضيات بهذه الفترة من السنة التي تساعد إلى حدٍّ كبير بالوقاية من أمراض الرشح والزكام وربما الكورونا في هذه الأيام، نظراً لغنى الحمضيات بفيتامين ( c ) فنسبة هذا الفيتامين في البرتقال عالية جداً حيث تصل إلى ( 52,2 ) ميليغرام في كل 100 غرام برتقال، في حين لا تصل إلى أكثر من ( 8,7 ) ميليغرام في كل 100 غرام من الموز، ولذلك فإن فتح أبواب استيراد الموز في هذه الفترة من السنة ينضوي على مخاطر اقتصادية وصحية كبيرة، حيث يتم ضرب موسم الحمضيات بالمجان، بسبب تفضيل المستهلك للموز عليه، وبالتالي حرمان المستهلك من نعمة التزوّد بعناصر البرتقال ومختلف أنواع الحمضيات في أيامٍ يكون المستهلك فيها بأمس الحاجة بها إلى تلك العناصر.

 كنّا ومنتجي الحمضيات نأمل من مجلس الوزراء أن يكون سنداً لموسم الحمضيات فعلاً وداعماً له بمنع استيراد الموز إطلاقاً في هذه الفترة من السنة، وأن لا يكتفي بطلب إعداد مذكرة حول الإجراءات الواجب اتخاذها لتسويق الموسم، لقد شبع هذا الموسم البائس من المذكرات، وأُتخمَ من الاجتماعات الفارغة، والكلُّ يلفُّ حول القضية سنوياً .. ويلفُّ ويدور في كل عام .. ويراوح في المكان دون اتخاذ أي إجراء فاعل، ليس فقط بوقف استيراد الموز، وإنما بوقف هذا الفشل الذريع بإقامة مصانع للعصائر تكون قادرة على هضم هذا الموسم العظيم الذي ما نزال بارعين بالاستهتار به، وقد لا نستفيق إلاّ بعد أن يُكمل المنتجون قلع بيّاراتهم وتدميرها عندما يكونون قد وصلوا إلى حالة تشبه الاستسقاء الغارق باليأس واللاجدوى .. !!   

 

 

 

 

 


 


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق