سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:10/11/2025 | SYR: 14:26 | 10/11/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


 هكذا تفقّر سورية مواطنيها وتقتل صناعتها
10/11/2025      



سيرياستيبس : 

قراران بتوقيت غير مناسب، إن لم نطلق حكم قيمة ونقول خاطئان. ومن شأنهما، بحال التصلّب وعدم العودة عنهما، أو إعادة النظر والتعديل، أن يأتيا على الصناعة السورية، وسيأخذان المستهلك السوري بطريقهما إلى مزيد من الفقر والبطالة. القرار الأول اعتماد سورية "الاقتصاد الحر" هكذا ومن أوسع الأبواب، إذ لا تتابع مسؤولاً، اقتصادياً أو غير اقتصادي، إلا ويتغنى أن النهج الاقتصادي هو الحر، ويتابع، إن كان مطلعاً، أن الليبرالية الكلاسيكية لن تكون سقفاً، بل البلد يسير نحو سياسة "النيوليبرالية"، بمعنى: ابتعاد الدولة حتى عن التدخل بالقوننة والمراقبة وترك الأسواق تصحح نفسها ضمن اقتصاد حر وأسواق مفتوحة. وهذا التوجه قد يناسب اقتصاداً بحجم الصيني أو الألماني أو الأميركي، فهناك الاستقرار والذي لا تتمتع به سورية، والتطور التقني والإنتاجي والذي لا تملكه سورية، ووجود مواد أولية تفتقرها سورية، وتقاليد اقتصادية وعلاقات واتفاقات لا تمتلكها سورية.

هناك، ورغم الليبرالية "المنفلشة" أو المتوحشة، يوجد طرق حمائية عدة للإنتاج الذي يشغّل أيدي عاملة كبيرة ويستفيد من القيم المضافة للمواد الأولية المحلية، أو يعود على البلاد بعائدات صادرات كبيرة. بمعنى، حتى تلك الاقتصادات العملاقة، وأبطال التصدير الأوائل، والتي تساهم مجتمعة بأكثر من 48% من الناتج الإجمالي العالمي، تتردد حين تتحدث عن الأسواق المفتوحة، بل نراها حين تشعر باستهداف أو إغراق أسواقها، تسارع لحماية بعض الصناعات عبر فرض رسوم جمركية بوجه المماثل المستورد، ناسفة ما أتت عليه منظمة التجارة العالمية أو نصت عليه الاتفاقات أو ما تمليه الأسواق المفتوحة. فكيف ببلد مثل سورية، مهدمة البنى والهياكل، صناعاتها خارجة عن الإنتاج أو بالكاد تنتج بالحدود الدنيا بواقع خطوط وآلات قديمة، وتعاني من جميع أشكال الإعاقة وارتفاع التكاليف، أن تعلن عن اقتصاد حر من دون ضوابط، لتغرق أسواقها، كما هي اليوم، بسلع تركيا وعربية وصينية، ستأتي ولا شك، على الإنتاج المحلي العاجز عن المنافسة بواقع ظروفه الراهنة.

وأما القرار الثاني الطازج، فهو رفع الحكومة بدمشق أسعار الكهرباء بنسبة لا تقل عن 60 ضعفاً، وفق نظام الشرائح، بذريعة الخسائر ودعم الدولة للقطاع ومحاولات تأمين التيار على مدار الساعة وتحسين جودة الخدمة. ليقفز سعر الكيلو واط الساعي للمستهلك المنزلي، من 10 إلى 600 ليرة، هذا إن كان الاستهلاك أقل من 300 كيلو، أما إن ارتفع عن ذلك، فيرتفع السعر إلى 1400 ليرة للكيلو واط الواحد.
ولم تنج المؤسسات والمنشآت الصغيرة من الرفع الهائل، بل تم تحديد سعر الكيلو واط ضمن الشريحة الثالثة بسعر 1700 ليرة، وللمنشآت الكبيرة ذات الاستهلاك العالي، 1900 ليرة للكيلو واط الساعي. والتبرير جاء محقاً بشكله وطرحه النظري، فعدا استدامة تأمين الكهرباء وجودة الخدمة، ماثلت الحكومة السورية الأسعار بدول الجوار وتكاليف الإنتاج، متناسية أمرين اثنين.
الأول أن دخل المواطن وقوة الإنتاج بدول الجوار، لا يمكن مقارنتهما البتة بحال السوريين ومنشآتهم، ما يعني زيادة في تفقير المواطن صاحب الدخل المنخفض والحكم على المنشآت بزيادة تكاليف الإنتاج، ما يعني مزيداً من المنافسة العرجاء أمام المستوردات، وبالتالي الخروج ربما عن الإنتاج وليس عن المنافسة فحسب. والأمر الثاني الذي أغفلته الحكومة، خلال تبريرها ودفاعها عن القرار وعدالته، أننا على أبواب فصل الشتاء وزيادة استهلاك الكهرباء بواقع ارتفاع أسعار المشتقات النفطية (ليتر المازوت 11 ألف ليرة) سواء بالمنازل أو المنشآت، الأمر الذي سيزيد من الأعباء على السوريين ويضعف قدرة المنشآت على المنافسة أو ربما الاستمرار. والأهم ربما بما أغفلته الحكومة بقرار رفع سعر الكهرباء، أنها سلعة محرضة تدخل بجميع أنواع الإنتاج، الصناعي والزراعي وحتى الخدمات، ما يعني ارتفاعاً مرتقباً لأسعار السلع والمنتجات وأجور النقل، ما يوصلنا، من دون عناء الشرح والتفصيل، إلى فقر الشعب وتضخم الأسعار ومزيد من تهاوي سعر الصرف.

دخل المواطن وقوة الإنتاج بدول الجوار، لا يمكن مقارنتهما البتة بحال السوريين ومنشآتهم

قصارى القول: بمنطق الاقتصاد المجرد ووفق نهج الأسواق المفتوحة والنمط الحر والواقعية التي بررت خلالها الحكومة، يمكن القول إن كل الحق مع حكومة دمشق برفع أسعار الطاقة، لأن قطاع الكهرباء مهدم جراء الحرب ونافت خسائره 40 مليار دولار، بل والخسائر السنوية للقطاع، وفق آخر تصريح حكومي، تبلغ مليار دولار. ولا سبيل لتوازن الخسائر وتقليصها إلا عبر رفع الأسعار. ولكن، هذا المنطق منقوص لأسباب عدة. منها وكما أسلفنا، واقع المواطن السوري والمنشآت الإنتاجية التي لا يمكن التعاطي معها، بمنطق الواقعية أو بمقياس الربح والخسارة فقط، بل واقع الحبو والتعافي اليوم وضرورة الدعم لتحقيق الأهداف الاستراتيجية، واجبة على الحكومة، أي حكومة، لتكسب استمرار الإنتاج وتبعد المواطنين عن الفقر المدقع.
كما أن القياس على السعر العالمي للطاقة، يفرض على الحكومة تأمين دخل بالمستوى العالمي ومعيشة بالمستوى العالمي، بل وحماية بالطرق العالمية، سواء للشعب عبر طرق دعم وبرامج تأمين ورواتب عاطلين، أو على المنشآت بالدعم، وإن غير المباشر، عبر تخفيض تكاليف الإنتاج وتخفيف نسبة الضرائب، وإن اقتضت الضرورة والمصلحة العامة وحماية الاقتصاد، فلا ضير من فرض رسوم وطرق حمائية... كما تفعل واشنطن وبكين وبرلين وقت الحاجة. نهاية القول: لن نسأل عن الوعود الإقليمية والدولية بدعم قطاع الكهرباء السوري وتوريد الغاز والفيول، بأسعار تفضيلية، لزيادة الإنتاج وتحسين الخدمة، بل سنعود للمنطلق، وهو ما نسمعه من حكومة دمشق إلى جانب مقولة الاقتصاد الحر، وهو القطعية بعدم الاستدانة من المنظمات الدولية لإعمار سورية.
لماذا الحسم النهائي بهذا القرار، إن كانت مديونية الولايات المتحدة هي الأعلى بالتاريخ، وديون ألمانيا تزيد ثلاثة أضعاف ناتجها الإجمالي، بل واليابان تأتي بمقدمة الدول العالمية مديونية. ومعروف بمنطق الاقتصاد أن كل دين تزيد عائداته عن فوائده فهو قرض حميد، وتلجأ له الدول، حتى المتطورة والغنية، لتوظفه في أقنية إنتاجية وأحياناً خدمية، ناهيك عن أن لكل دولة نسبة ضمن أموال البنك الدولي يمكن أن تقترضها وتوظفها. فهل أجدى وألزم من قطاع الكهرباء، على سبيل المثال، لتستدين سورية من أجله، فتطوره وتزيد إنتاجه وتحسن إنتاجيته وخدماته، وتحافظ عليه ضمن القطاع الحكومي لما له من ارتباط بمعيشة الشعب.

لن نسأل عن الوعود الإقليمية والدولية بدعم قطاع الكهرباء السوري وتوريد الغاز والفيول، بأسعار تفضيلية، لزيادة الإنتاج وتحسين الخدمة

أما عن العائدات فالأكيد ستزيد عن فوائد القروض، ولو بعد حين، وقت تزيد كمية الإنتاج وتصل ربما للتصدير لدول الجوار. وإلا لما تهافت المستثمرون اليوم لنيل حصة من كعكة الكهرباء السورية. وأما عن ملكية قطاع الكهرباء للدولة بواقع اقتصاد السوق والنيو ليبرالية التي تشغل بال حكومة دمشق، فنذكر أن أعتى ليبراليات العالم، لم تزل تحتفظ بقطاعات إنتاجية وخدمية لها علاقة مباشرة بالمستهلك، كالنقل والكهرباء. وكل هذا، إن لم يكن بخلد حكومة دمشق خصخصة قطاع الكهرباء، ومنح النقل والتوزيع، على الأقل، لشركات خاصة ومستثمرين محددين، إذ وقت ذاك، ينتفي كل ما أتينا عليه أعلاه وتصبح سياسة "النيوليبرالية" ضرورة حتمية ورفع سعر الكهرباء حاجة ملحة، لجذب المستثمر الموعود وضمان أرباحه.

عدنان عبدالرزاق _ العربي الجديد


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس