توقع
البنك الدولي بأن يسجل الاقتصاد السوري نموًا حقيقيًا بنسبة 1في المئة
جاء بعد انكماش بلغ 1.5 في المئة في عام 2024 ، وهو أول تحسن منذ عام
2022
وأظهر التقرير أن الاقتصاد السوري انكمش بنسبة 53 في المئة بين عامي 2010 و2022، وحيث صنفت سوريا كدولة منخفضة الدخل عام 2018. .
وبين أن ّ قطاعات السياحة والطاقة والصناعة تأثرت بالحرب ما دفع سوريا للاعتماد على الاستيراد لتأمين الغذاء و الوقود , فيما برزت
تجارة الكبتاغون كمصدر دخل غير شرعي , هذا ورغم سيطرة الحكومة الانتقالية على مناطق تضم 78 في المئة من السكان ونحو
60 في المئة من النشاط الاقتصادي، لكنها لا تتحكم إلا بـ9 في المئة من إنتاج النفط الذي
بقي تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية , وفي الوقت نفسه، اندلعت اشتباكات
غذت توترات طائفية، واستمرت الضربات الجوية الإسرائيلية.
على مستوى السياسة النقدية، ارتفعت الليرة السورية بنسبة 29 في المئة بين نهاية
تشرين الثاني 2024 وآب 2025 بفضل عودة المغتربين وتخفيف العقوبات جزئيًا،
وفقا لتقرير البلنك الدولي .
كما استقرت أسعار الغذاء ثم بدأت بالانخفاض مع تدفق واردات أرخص خاصة من
تركيا. ورغم ذلك، بقيت أزمة السيولة قائمة نتيجة القيود على السحب وتعليق
المدفوعات الإلكترونية وتأخر رواتب موظفي القطاع العام.
وأشار التقرير إلى أنّ المالية العامة ما تزال تحت ضغط مع
عجز يقارب 6 في المئة الناتج المحلي، كما أن تقديرات الدين الخارجي عند حدود 104
في المئة من الناتج عام 2024
بحسب بيانات البنك المركزي، بينما تشير الجداول الرسمية إلى 30.3 في المئة
مع توقع
انخفاضها إلى 14.9في المئة في 2025.
و تحسن الحساب الجاري من عجز بنسبة 14 في المئة في 2023 إلى فائض طفيف عند 0.4 في المئة
في 2024 مع توقع 0.1 في المئة في 2025، بينما غابت تدفقات الاستثمار الأجنبي
المباشر تقريبًا.
في الجانب الإنساني، قال التقريرالدولي : أن التمويل الدولي ارتفع بنسبة 70 في المئة في النصف الأول من
2025 مقارنة بالعام السابق، لكنه بقي أقل بثلث من مستويات 2023.
ويتوقع البنك الدولي نمو الصناعة 1 في المئة والخدمات 1.2 في المئة فيما
تظل الزراعة مستقرة , في حين سيتراجع التضخم من 127.8 في المئة في 2023
إلى 58.1 في المئة في 2024 .
وبحسب التقرير فقد بلغ عدد سكان سوريا 24.7 مليونًا، حيث يعيش 3.7 ملايين شخص على أقل من 3 دولارات
يوميًا، فيما ارتفع الفقر عند خط 4.20 دولار إلى 48.1 في المئة عام 2025
وخلص التقرير إلى أنّ الاقتصاد السوري يقف على أعتاب مرحلة تعافٍ محتمل،
لكن استدامته تعتمد على عوامل سياسية وأمنية واقتصادية متشابكة، أبرزها
استمرار الدعم الدولي , وتخفيف القيود والعقوبات، وتأمين مصادر الطاقة
والتجارة , ودون ذلك، سيبقى دخل الفرد والفقر عند مستويات مقلقة رغم مؤشرات
التحسن الأولية.
أي إصلاح يجب أن لا يعطي الأولوية
لمعدلات النمو على حساب تحسين المعيشة
هذا وشدد الخبير الاقتصادي "محمد حسون " على أهمية تركيز البنك الدولي في تقريره على الأمن والأمان , فمن
دون بيئة آمنة ومستقرة سياسيا واقتصادياً و عسكرياً فإنّ قدوم المستثمرين
سيظل مؤجلاً وسيكون التردد سيد الموقف , خاصة وأن استمرار الصراع
والمخاطر يجعل العمل في العديد من
المناطق السورية صعبًا أو مستحيلاً , لذلك فإن أهم محفز لقدوم المستثمرين
ورؤوس الاموال يتجلى بتوفر الأمن , في حين تبدو العقوبات أمرا معرقلاً بقوة
لقدوم الاستثمارات والشركات ومن شأنها أن تحد من تدفق الأموال والتجارة
بالشكل المطلوب الى جانب تقييد المساعدات ما يؤكد أنّ العقوبات هي شرط أساسي
لتحقيق التعافي الاقتصادي في سوريا .
حسون بين , أنه رغم الجهود الكبيرة
التي تبذلها الحكومة فإنه علينا الاعتراف أن ّالمؤسسات الحكومية مازالت
تعاني من الضعف والتآكل في ظل غياب الحوكمة و القضاء و ضعف البنيان الإداري
وبالتالي فإن تحقيق النهوض والإصلاح يحتاج الى وقت , وهذا الوقت سيكون على
حساب التنمية .
وذهب
المختص السوري في الحديث عن تراجع دور الدولة خلال السنوات الماضية والذي
كان أحد أسباب ارتفاع الفقر ووصوله الى معدلات خطيرة, مؤكداً أنه كلما كان
هناك قدرة على استعادة وتكريس دور الدولة كلما كانت الفرص أفضل أمام
الاقتصاد السوري وأمام الناس أيضاً
وأضاف
: كان لافتاً ما تحدث عنه التقرير بأنه حتى ولو حقق الاقتصاد السوري نمو
بمعدل 1 في المئة , إلا أنّه يبقى اقتصاداً هشاً ومعرضاً للانتكاس بسهولة تحت
تأثير أي اضطرابات وتغييرات يمكن أن تشهدها البلاد , موضحا في هذا السياق أنّ حجم
الدمار في سوريا ضخم ويمتد الى البنى التحتية والتجمعات السكنية "هناك
أكثر من مليون منزل مدمر بشكل كامل" , كما أن البلاد تعاني من تراجع في
الخدمات نتيجة التخريب والتدمير ولم تسلم الأراضي الزراعية من تبعات الحرب
والصراع خاصة لجهة هجرها وتركها بور , الى جانب تضرر شبكات الري وتمدمد التصحر ,
وهذا يعني أنّ سوريا بحاجة الى مئات المليارات من الدولارات لإعمارها ..
وكل هذه الأموال لن تاتي إلا ضمن شروط مناسبة وبشكل يضمن الانتقال من الإغاثة الى الإعمار
مشدداً
على ضرورة أن تكون عملية التعافي شاملة لجميع السوريين، وأن تصل إلى
المتضررين من
الحرب والنازحين والفئات المهمشة , أما التركيز فقط على المناطق الآمنة
والنخبوية فلن يساعد في تحقيق الاستقرار الاقتصادي . وستتعمق الهوة بين
الفقراء الذين يشكلون الغالية وبين الأثرياء والنخب المالية والسياسية
وبالتالي قد تكون هناك صعوبات في تحقيق الاصلاحات النقدية والاقتصادية
وغيرها .
المختص
السوري آمل أن تدرك الحكومة السورية حجم المتغيرات والتحديات وأن ترسم شكل
التغيير المطلوب منها تحقيقه بما يساعد الاقتصاد الوطني على المضي قدما
وتحصينه , ومؤكداً ضرورة أن تفهم الحكومة الحالية السياسات "النيوليبراية "التي اتبعها
النظام السابق قبل الحرب وإجراء مقاربات اكثر دقة فيما يتعلق بدفع الاقتصاد
نحو مزيد من التحرر دون العمل على إجراء التحصينات المطلوبة المتعلقة
بدخل الفرد والصناعة والزراعة , فأي إصلاح يجب أن لا يعطي الأولوية
لمعدلات النمو على حساب تحسين معيشة المواطن , خاصة وأن معدلات الفقر في البلاد كبيرة
جدا وأكثر مما تحدث عنه البنك الدولي فهناك 90 في المئة من
السورين يعيشون عند أو تحت خط الفقر , كما تشير احصاءات أممية أن حصة الفرد من الناتج
المحلي الإجمالي تبلغ فقط (6,2 مليارات دولار) نحو 370 دولاراً سنوياً، مقابل 2700 دولار عام 2010، أي
بانخفاض حاد بلغ نحو 86 في المئة ، وهو مؤشر صارخ على انحدار مستوى المعيشة وتآكل
القدرة الشرائية.
تحذير من تحويل سورية لشعب مستهلك و عاطل عن العمل
أمام
معطيات البنك الدولي , تظهر أصوات الصناعيين في سوريا مطالبة بدعم الصناعة
و
منحها مقومات البقاء والاستمرار بعدما باغتها اقتصاد السوق الحر
وحاربتها الواردات في عقر دارها فجأةً ودون سابق انذار , ويُذكر في هذا
السياق أن عدد من الصناعيين السوريين كانوا نفذوا اعتصاما ًفي دمشق قبل
أيام طالبوا فيه بدعم الصناعة
بشكل حقيقي ووقف انهيارها
وهو ما يفسر ما كتبه مستشار وزير الاقتصاد والصناعة "جورج خزام " على صفحته محذراً من انهياراقتصادي تدريجي في سوريا
حيث
رأى خزام : إنّ كل مصنع بالقطاع العام أو بالخاص تم إغلاقه بسبب غزو
المستوردات البديلة عن المنتج الوطني بجمارك منخفضة بسبب الإنتقال غير
التدريجي للسوق الحر يعني : أنه أصبح هنالك الكثير من العائلات بدون دخل
وتراجع الإستهلاك و الطلب و الإنتاج مع تراجع الدخل وإرتفاع في سعر الدولار
مع زيادة الطلب على المستوردات , الى جانب ارتفاع مستمر بالأسعار و زيادة
التضخم النقدي وإنتشار الجريمة و البطالة و أعمال الخروج عن القانون
وزيادة بعدد الفقراء و عدد المعدمين , وبالتالي تراجع عدد المصانع مقابل
زيادة أرباح المستوردين وحدوث هروب جماعي لرأس المال الصناعي الى الخارج ,
وزيادة الفروقات الطبقية في المجتمع مع ظهور طبقة الأغنياء الجدد من
المستوردين على حساب تراجع أعداد المنتجين وهذا سيؤدي بالمحصلة الى تراجع
في ايرادات الخزينة العامة و زيادة الحاجة لمساعدات خارجية و فقدان السيادة
باتخاذ القرار و إنخفاض الأجور بسبب زيادة العرض من اليد العاملة , و
بناءاً
عليه فإن كل فكر هدام للإقتصاد بزيادة المستوردات يعني تعميق الأزمات
السياسية و عدم الإستقرار
المستشار السوري أكد , إن كل ما سبق هو تمهيد لإستعمار إقتصادي يهدف
لتحويل سورية لشعب مستهلك و عاطل عن العمل و الوسيلة هي إقناعه بأن
الصناعيين يحققون أرباح فاحشة و المستورد هو الذي يحرر الشعب من الإحتكار
ومؤكدا في منشوره إن تلك الأوضاع لا تعتبر مناسبة لتأسيس إستثمارات لدعم
الإقتصاد إلا بمضاعفة الرسوم الجمركية للمستوردات البديلة.