
سيرياستيبس : قال الخبير الاقتصادي نواف الرز أن قرار الرئاسة السورية بمراجعة كل مذكرات
التفاهم الاستثمارية والمشاريع الموقعة ينص على إلغائها في حال ثبات عدم
جديتها، معتبراً أن القرار جاء في
وقته ومن شأنه أن يصحح ويقيم الاتفاقات ومذكرات التفاهم المعلن عنها وبعضها
أعلن عنها بحضور رئيس الجمهورية، وأضاف "لا بد من معرفة جديتها وإذا ما
كانت حبراً على ورق وبيعاً للوهم أو أنها تحمل في طياتها نيات لتبيض صفحة
بعض الشخصيات ورجال الأعمال أو كدعاية سياسية لبعض منهم".
وقال الرز لـ"اندبندنت عربية"، "من بين
نتائج القرار هو وضع أصحاب كل الاستثمارات التي جرى الإعلان عنها أمام
خيارين لا ثالث لهما"، موضحاً "الأول التنفيذ وفق جدول زمني للانتقال
بمضمون مذكرات التفاهم إلى اتفاقات استثمارية ينجم عنها مشاريع على الأرض،
بينما الخيار الثاني هو إلغاء تلك المذكرات التي يثبت أنها وهمية وغير جدية
خصوصاً أنها غير ملزمة للدولة".
وأكد أن البلاد في حاجة إلى استثمارات
وليس إلى استعراضات وهمية، لافتاً إلى أنه في حال التأكد من عدم جدية
المستثمرين فإن ذلك سيعيد طرح الفرص مجدداً أمام مستثمرين جادين، ويضمن عدم
ضياع الفرص الاستثمارية التي تبدو البلاد بأمس الحاجة إلى تنفيذها وليس
إلى احتكارها.
أكد الاستشاري في مجال الاستثمار أن
"قرار مراجعة جدية الاستثمارات والمستثمرين مهم جداً ومطلوب في هذه
المرحلة، ولو نظرنا إلى الوراء تحديداً إلى ما قبل عام 2011 سنجد مشاريع
بمليارات الدولارات محجوزة باسم مستثمرين وشركات خليجية ولبنانية وغيرها،
وقد يكون من المهم التأكد من جدية أصحابها الآن، لكن قبل القيام بالمراجعة
لا بد من قراءة مقومات الاستثمار على أرض الواقع بشفافية وموضعية، فأي
استثمار لن يأتي إذا لم يكن هناك أمان وأمن واستقرار سياسي ومجتمعي
واقتصادي،
ومن ثم يجب العمل على استكمال بناء بيئة
استثمارية مناسبة للمستثمرين الجادين، فالمستثمر يبحث عن البيئة الاقتصادية
التي سيعمل فيها وأعتقد أن الاستقرار الاقتصادي ما زال في حاجة إلى وقت
وإلى جهود لإنجازه وجعله مرناً وطيعاً بالقدر الكافي لإقناع المستثمرين
بالانتقال إلى مرحلة التنفيذ".
وأشار إلى أن هناك أموراً ما زالت غير مشجعة، فنظام الـ"سويفت" ما زال من دون المطلوب، وسعر الصرف في تأرجح مستمر وعدم استقرار، والمصارف في حاجة إلى إصلاح جذري وإعادة هيكلة كاملة بما فيها المصرف المركزي السوري
وإلى تطوير خدمات البنوك وآليات عملها التي تمكنها من مواكبة التطور
الحاصل في النظام المصرفي العالمي، أيضاً لا بد من معالجة موضوع نقص
السيولة والتوقف عن سياسة حبس "الكاش" وتقييد السحوبات بخاصة أنها أرهقت
الاقتصاد الإنتاجي من زراعة وصناعة وحرف، وكلنا يعلم هنا أن سقف السحب غير
مناسب للمواطن فكيف سيناسب المستثمر، وتابع "كل هذه النقاط وغيرها مطلوب
مناقشتها ودراستها قبل محاسبة المستثمرين على تأخرهم بمباشرة تنفيذ مذكرات
التفاهم، أو البدء باستثماراتهم".
واستدرك الرز "لكن السؤال الذي يطرح نفسه
من سيتجرأ على ضخ الأموال في سوق لم تتضح معالمها بعد، لذا فإن التمييز
بين المشاريع الوهمية وغيرها يجب أن يخضع إلى شروط واقعية، إذ من الأفضل
مناقشة كل مذكرة تفاهم وكل مشروع استثماري على حدة، والوقوف على الصعوبات
التي يعانيها المستثمرون القائمون حالياً أو الذين سيأتون وتقديم المساعدة
لحلها"، مؤكداً أن "القيام بهذه الخطوات سيختصر الطريق أمام المستثمرين
والحكومة في آن معاً وسيساعد في تكوين إحاطة كاملة بمعوقات الاستثمار
والعمل في سوريا عبر القيام بمعالجتها بصورة شمولية، وكل ذلك سيفضي إلى
بناء رؤيا استثمارية أكثر وضوحاً وجاذبية وحيث تبدو القوانين والإجراءات
المطبقة فيها والمحفزات التي توفرها قادرة على تقديم إجابات شافية وغير
معقدة على أسئلة المستثمرين"، وأضاف أن "الخوض والتواصل مع المستثمرين
والشركات التي أعلنت عن تنفيذ مشاريع في سوريا سيساعد الحكومة في تبني
مقاربة أفضل للواقع للقرار، فمراجعة المشاريع ومن ثم معرفة المشاريع
الوهمية والعمل على إلغائها، وفسح المجال أمام مستثمرين جدد سينهي مرحلة
الحجوزات المجانية من قبل البعض لمشاريع ستبيض ذهباً إذا ما نفذت".
|