الحكومة السورية تطلق برنامجاً لمكافحة الفقر والبطالة في البلاد في أبشع صورها
سيرياستيبس : لا
تزال مشكلة البطالة تؤرق الاقتصاد السوري مع اتساع نطاقها ليشمل أصحاب
المهن نتيجة توقف الأعمال في مختلف المجالات، وتشوه سوق العمل وهجرة
الصناعيين وتحول قسم كبير من العاملين، بخاصة في الدولة إلى بطالة مقنعة.
وعلى رغم عدم اعتماد نسبة محددة بدقة لحجم البطالة في سوريا،
لغياب المسوح الدورية والمنتظمة لقوة العمل، فإن الأرقام التي تطرح
وتتداول تبدو مخيفة، فالباحثون الاقتصاديون يقولون إن البطالة في سوريا هي
37 في المئة، بينما قال وزير الاقتصاد والصناعة السوري نضال الشعار إن
البطالة في سوريا 60 في المئة، أما المنظمات الدولية فتقول دراساتها إن
البطالة بين السوريين القادرين على العمل تراوح ما بين 65 و85 في المئة بما
فيها البطالة المقنعة، وهذه الزيادة تعود بصورة أساسية إلى تأثير الصراع
الدائر في البلاد منذ عام 2011.
أما الرقم الرسمي الصادر عن
المكتب المركزي للإحصاء الحكومي فيعود إلى عام 2022، إذ بين تقرير له إبان
حكم النظام السابق أن معدل البطالة ارتفع 23.7 في المئة، وقوة العمل
انخفضت من 6.5 مليون إلى 5.9 مليون، بناءً على مسح قوة العمل لعام 2022.
وفي حديثه عن حجم قوة العمل
ومعدلات البطالة بحسب الجنس، ذكر مكتب الإحصاء أن 4.5 مليون هو عدد
العاملين منهم 22 في المئة إناثاً ومتعطلون أقل من 1.5 مليون، مقدراً عدد
سكان سوريا بـ23.2 مليون نسمة.
ووصف هذا التقرير عند
صدوره بأنه غير دقيق لوجود إشكالات كبيرة في البيانات الإحصائية، بدءاً من
العدد المقدر عن السكان الذي وصف بالمبالغ به بصورة كبيرة بخاصة أن النظام
السابق لا يحسب عدد المهجرين، لذا فإن البيانات المتعلقة بقوة العمل يشوبها
نوع من الخلل، مع الإشارة هنا إلى أن البطالة قبل الحرب ووفقاً للبيانات
الرسمية المتاحة كانت 8.6 في المئة.
وبحسب متخصصين فإن كل النسب
عن حجم البطالة في سوريا تبدو غير دقيقة ما دامت لم تستند إلى عملية مسوح
دقيقة وشاملة لقوى العمل في البلاد، لكنها تحمل مؤشرات خطرة عن حجم البطالة
في بلد يعاني 90 في المئة من سكانه الفقر، ويواجه 56 في المئة من سكانه
خطر فقدان الأمن الغذائي، بل وهناك 2.7 مليون شاب في سوريا لا يجيدون
القراءة والكتابة أو أداء أي عمل، بينما يصطف يومياً المئات من السوريين
أمام مباني الهجرة والجوازات في مختلف المحافظات السورية للحصول على جواز
سفر أملاً بفرصة سفر تمكنهم من الحصول على فرصة عمل في بلد آخر.
في المقابل ومن باب التناقض
تشكل عودة مئات الآلاف من المهجرين والنازحين إلى مناطقهم عاملاً في زيادة
معدلات البطالة في البلاد، وكل ذلك يأتي في وقت توصف العمالة الموجودة في
سوريا بأنها عمالة عضلية وتفتقر إلى الخبرة مما يجعل التدريب والتأهيل أحد
التحديات الرئيسة في الطريق للتعامل مع قضية البطالة، باعتبارها من أعقد
المشكلات التي تواجه سوريا اقتصادياً واجتماعياً.
تراجع معدلات البطالة مرهون بدخول الاستثمارات
قبل سقوط نظام الرئيس
المخلوع بشار الأسد تحدث تقرير للأمم المتحدة عن أخطار البطالة وضرورة
الاهتمام بالبنى التحتية من مياه وكهرباء وتعليم، وصولاً إلى التمويل من
أجل تشجيع الناس على العمل وحثهم على بناء مشاريعهم الخاصة، ومن دون ذلك
فإن البطالة ستكون بمثابة قنبلة موقوتة تهدد المجتمع السوري.
على التوازي دعا باحثون
اقتصاديون إلى ضرورة التركيز على التدريب والتعليم والتأهيل بما يتيح
الفرصة أمام العاطلين من العمل لامتلاك فرصة مزاولة مهنة ما تعود بالنفع
عليهم وتخرجهم من براثن الفقر.
وتقول الحكومة السورية إن
الأرقام الاستثمارية الكبيرة "36 مليار دولار" التي وقعت عبر مذكرات تفاهم
ستوفر مئات الآلاف من فرص العمل، بل إن مدير هيئة الطيران قال إن
الاستثمارات القادمة إلى قطاع الطيران ستوفر مليون فرصة عمل.
وتذهب بعض التوقعات إلى أن
معدلات البطالة ستتراجع بنسب جيدة اعتباراً من 2026 إذا جرى البدء بالتنفيذ
الفعلي للاستثمارات الكبيرة التي جرى التفاهم عليها خلال العهد الجديد،
والتي يتوقع قدرتها على إيجاد عدد كبير من فرص العمل ومعدلات جيدة من
التشغيل في مختلف القطاعات الاقتصادية، وكذلك إذا جرى استدراك نقص التأهيل
والتدريب مع مراعاة الأجور المناسبة لاستعادة قوة العمل السورية المؤهلة
المهاجرة، لذا يتوقع تراجع معدلات البطالة إلى مستويات قد تصل إلى 15 في
المئة خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وتتناقص مع زيادة الاستثمارات وتسارع
وتيرة إعادة الإعمار، إلا أن فريقاً من الباحثين الاقتصاديين السوريين
يؤكدون أن قدوم الاستثمارات لن يحدث قبل تحقيق بيئة كاملة ومتكاملة من
الأمن والأمان، ومن ثم توفير بيئة استثمارية آمنة ومجدية وتنافسية يمكن
للأعمال معها أن تنمو فيها ضمن جو صحي ومتوازن، مع الإشارة هنا إلى أن وزير
الاقتصاد السوري كان أشار أخيراً إلى أن بعض الاستثمارات التي جرى الحديث
عنها ليست جدية.
شباب بانتظار عمل والطريق صعب
يقول ياسر إسمندر، خريج كلية هندسة مدنية "بينما أغلقت كل الدول الهجرة واللجوء في وجه السوريين
يبقى الأمل بالنسبة إلينا أن تبدأ عملية إعادة الإعمار، إننا ننتظر قدوم
كل تلك الاستثمارات المليارية التي شهدنا مهرجانات توقيعها فهي التي
ستنقذنا من جحيم الفقر والحاجة وحتى الغربة في وطننا"، وأضاف "أعمل حالياً
في كشك لبيع التبغ... أنا مهندس مدني أعمل عند رجل أميّ لكنه يملك المال،
في كل يوم أحلم أن أعمل في شركة إعمار وبناء كبيرة ومحترمة تثق بي وتمكنني
من قيادة فريق عمل في أحد مواقعها... أتمنى ألا تطول أحلامي أكثر وألا
تتأخر الشركات في القدوم إلى سوريا".
محمد سلمان هو الآخر ينتظر
أن تأتي الاستثمارات إلى البلاد، ويقول إن الخبرة التي أملكها هي "عضلاتي
وصحتي" بحسب تعبيره، مضيفاً "أستطيع أن أعمل في كل الأعمال التي تحتاج إلى
قوة بدنية وهذا يحتاج إلى أن تبدأ مشاريع البناء في سوريا".
بينما تعتقد سارة محمد وهي
خريجة معهد متوسط فني أن التدريب والتسلح بالمهارات لن يدعها تنتظر قدوم
الاستثمارات وقد يمكنها ذلك من الحصول على عمل سريعاً وكلما استطاعت تقوية
"سيرتها الذاتية" فإن الأمل يتسع بإمكان الحصول على عمل، مضيفة "تعلمت
اللغة الإنجليزية، وعززت مهاراتي على الحاسوب وتلقيت دورات تخصصية عدة، بل
وحصلت على جواز سفر ولم أترك مكاناً لم أرسل إليه سيرتي الذاتية" معربة عن
تخوفها من قبول أي فرصة عمل تأتيها لأنها في حاجة إلى راتب بأسرع وقت ممكن.
سوريا تحتاج إلى 200 ألف فرصة عمل سنوياً
تشير دراسة رسمية إلى أن
سوريا تحتاج إلى مالا يقل عن 200 ألف فرصة عمل سنوياً لامتصاص الزيادة في
قوة العمل المتاحة، أو في الأقل لتخفيض معدلات البطالة إلى حدود مقبولة لا
تزيد على خمسة في المئة.
أما لتحقيق الغايات
التنموية الاستثمارية لا سيما تقدير الحاجة من العمالة لمرحلة التعافي
وإعادة البناء والإعمار، فيتوقع أن تكون الحاجة إلى ضعف هذه التقديرات في
الأقل، فمن طبيعة مراحل إعادة الإعمار في ظروفها المناسبة، هي التشغيل
الكامل، ومن ثم قدرتها على امتصاص فائض قوة العمل في السوق المحلية من جهة،
وكذلك قد تحتاج إلى استيراد قوة عمل إضافية لا سيما ذات التخصص والخبرة من
جهة ثانية.
غياب المسوح الدورية لقوة العمل في سوريا
يجمع الباحثون والمتخصصون أن التصدي للبطالة يأتي من إيلاء التدريب أهمية جدية وثانياً من دوران عجلة الإنتاج وقدوم الاستثمارات.
المدير السابق لمكتب
الإحصاء في سوريا شفيق عربش بين أنه "قبل أن نتحدث عن البطالة علينا أن نرى
كيف أصبح الإنتاج في حدوده الدنيا، وكيف أن هناك شركات كثيرة توقفت أو
قلصت أعمالها بسبب عدم توفر المواد الأولية"، وقال "عندما نفهم كيف هاجر
الصناعيون ورجال الأعمال على مدى الأعوام الماضية، وكيف خسرنا خبراتنا
وكوادرنا التي هاجرت، فإننا سنرى مشهداً بائساً ومؤلماً للبطالة في سوريا
التي لا تعاني كثرتها فقط بل من نوعيتها أيضاً بعد أصبح العدد الأكبر من
العاطلين من العمل لا يملكون إلا قوتهم العضلية".
عربش وصف أرقام البطالة في
سوريا بأنها مخيفة، وقال "قد يكون حديث وزير الاقتصاد وتقديرات المنظمات
الدولية المرتفعة حول نسب البطالة في سوريا غير دقيقين ومبالغاً فيهما، إلا
أنهما يشكلان مؤشرات حول عمق مشكلة البطالة في سوريا"، لافتاً إلى أن عدم
القدرة على تقديم أرقام دقيقة عن نسبة البطالة يعود إلى غياب المسوح
الدورية لقوة العمل في سوريا
منذ أعوام طويلة، واصفاً الأرقام التي يجرى تداولها عن البطالة بأنها
متضاربة وأن العمل الإحصائي معطل، وحتى اليوم لا يوجد لدينا مصدر رسمي يحدد
نسبة البطالة، بخاصة أن الاقتصاد في حال قريبة من الشلل وسوق العمل تعاني
خللاً بنيوياً كبيراً، وأضاف "الواقع يقول إن عدد العاطلين من العمل في
سوريا كبير جداً مقابل فرص عمل محدودة وقليلة جداً، لذلك فإن معالجة
البطالة لن يجرى البدء بها إلا بإطلاق عجلة الاقتصاد والشروع بعملية
إنتاجية واسعة، وهذا لكي يحدث يحتاج إلى إجراءات حكومية كبيرة وجريئة وفي
حاجة إلى قدوم الاستثمارات، لكن لننتبه هنا إلى أن الاستثمارات لن تأتي إلا
في ظروف مثالية من الأمن والأمان، وعلى كامل الجغرافيا السورية، كذلك فإن
انطلاق العملية الإنتاجية يحتاج إلى توفر حوامل الطاقة، إذ إننا نعرف أن
إنتاج الكهرباء في أدنى مستوى وأسعار الكهرباء الصناعية والمنشآت هي الأغلى
في المنطقة".
ودعا المتحدث نفسه إلى
حماية الصناعة المحلية، وقال "خرجت قبل أيام تظاهرات في حلب مطالبة بحماية
صناعة الجلديات من المستوردات الذي غزت الأسواق المحلية وبخاصة تلك القادمة
من الصين، وإلا فإن صناعة الأحذية والجلديات مهددة بالاندثار وانضمام
عشرات الآلاف من العمال إلى صفوف العاطلين من العمل"، مؤكداً أن السوق
السورية تعرضت وبصورة مؤسفة لإغراق كبير وفوق طاقتها بالسلع والكماليات
وبعضها كان مجهول المصدر وأحياناً شارف على انتهاء الصلاحية، لكنه دخل
بأسعار منافسة مما شكل تهديداً مباشراً للصناعة والإنتاج في البلاد، مشيراً
إلى أن هناك معامل توقفت وسرحت عمالها وأخرى قللت إنتاجها وعمالها، وكل
هذا يحدث في وقت من المفترض أن نكون قد بدأنا بالانتباه إلى مشكلة البطالة
والشروع في التصدي لها.
المدير السابق لمكتب
الإحصاء نصح الحكومة الحالية باعتماد سياسات حمائية للقطاعات الإنتاجية،
رافضاً مقولة إن السوق تصحح نفسها بنفسها، متسائلاً "لماذا فرضت الولايات
المتحدة وهي معقل الرأسمالية المتوحشة سياسات حمائية لمصانعها وقطاعاتها
الإنتاجية". وأوضح أن هناك قطاعات صناعية في سوريا بدأت تتقهقر بل وتقهقرت
فعلاً كصناعة النسيج وبدأت تخسر الجولات أمام البضائع المخزنة، لأن هناك
كثيراً من المستوردين لجأوا إلى استيراد بضائع رديئة وهاجموا بها المنتج
المحلي بأسعار زهيدة، وهذا أكبر خطأ حدث في حق الصناعة السورية التي كان
يجب أن تمنح فرصة حقيقية لتقوية نفسها، بخاصة أنها تشغل مئات الآلاف من
العمال، وأضاف "نحن اليوم بأمس الحاجة إلى الاستثمارات على الأرض وليس إلى
الاستثمارات الخليجية"، مشيراً في هذا السياق إلى حديث لوزير الاقتصاد
والصناعة، بأن البعض جاء بمشاريع استثمارية ليكسب شرف التصوير مع القيادة
الجديدة في البلاد.
عربش رفض مصطلح "رأس المال
جبان"، مؤكداً أن المال وصاحبه يبحثان عن البيئة المناسبة، لافتاً إلى أن
العمل في سوريا اليوم يجب أن يركز على تدريب وتأهيل العمالة، بخاصة أن غالب
العمالة هي عضلية، وهناك فجوة كبيرة لمصلحة هذه العمالة على حساب العمالة
المدربة والمؤهلة، مؤكداً أن التدريب والتأهيل أمر مهم جداً فعله في مرحلة
انطلاق الاقتصاد السوري، وإلا فإن المشكلات ستصبح أكثر تعقيداً، بخاصة أن
القوانين الجديدة تتيح استيراد العمالة من الخارج.
ارتفاع نسبة البطالة بعد التحرير
المتخصص الاقتصادي عمار
يوسف قال إن هناك نوعين من البطالة في سوريا، البطالة الحقيقية والبطالة
المقنعة، وتتفاوت مستوياتهما بين منطقة وأخرى، إلا أنه بعد التحرير وسقوط
النظام البائد ازدادت معدلات البطالة في سوريا بصورة كبيرة نتيجة انضمام
أفراد الجيش والأمن ووزارة الداخلية إلى الفئات التي ليس لديها دخل أو
راتب، أي أصبحوا عاطلين من العمل، وأيضاً هناك أعداد كبيرة من الموظفين تم
فصلهم وآخرون جرى نقلهم قسراً إلى مناطق لا تناسبهم مما دفعهم إلى ترك
عملهم، يضاف إليهم المتقاعدون من أفراد الجيش والأمن بعد 2011 الذين توقفت
رواتبهم.
أضاف المتخصص الاقتصادي "كل
ذلك أسهم في رفع نسبة البطالة في سوريا لتراوح ما بين 40 و45 في المئة،
إلا أن هناك مناطق كالساحل يمكن الحديث عن معدلات بطالة أعلى وتراوح ما بين
55 و60 في المئة، نظراً إلى وجود أعداد كبيرة في الجيش والأمن والموظفين
الذين جرى فصلهم من عملهم، وحذر يوسف من أخطار ازدياد عدد العاطلين من
العمل، بخاصة من ارتفاع معدلات الجريمة والسرقة فمن ليس لديه مال قد يفعل
أي شيء من أجل إطعام أولاده، وأضاف "تبدو البطالة في سوريا قاسية ومؤلمة بل
ومتوحشة، فالعاطلون من العمل لا يخضعون لأي برامج حماية أو ضمان اجتماعي
وصحي، ولا يحصلون على أي تعويضات تساعدهم على مواجهة الحياة ولو بالحد
الأدنى"، موضحاً "حتى الموظفون لا يشعرون بالأمان بخاصة لدى الدولة نظراً
إلى تدني رواتبهم ودخولهم أمام غلاء المعيشة، إذ تحتاج الأسرة الواحدة
المكونة من خمسة أشخاص إلى 10 ملايين ليرة (770 دولاراً) بالحد
الأدنى لتأكل وتشرب فقط"، وقال "على الحكومة أن تسرع، وأن تكون جادة في
معالجة ملف البطالة لأنه خطر حقيقي يتهدد المجتمع السوري".
إطلاق برنامج وطني لمكافحة الفقر
وتدرك الحكومة السورية
الحالية أن عليها العمل على كل الجبهات من أجل تحقيق النهوض الاقتصادي، بما
يسهم في خفض نسب الفقر ومعدلات البطالة، وفي هذا السياق كشف وزير المالية
محمد يسر برنية، عن التحضير قريباً لإطلاق برنامج وطني لمكافحة الفقر في
سوريا ضمن استراتيجية شاملة تعمل عليها الوزارة بالتعاون مع الجهات
الحكومية والمنظمات الدولية، مؤكداً أن محاربة الفقر هي المدخل الحقيقي
لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلاد، مشدداً على أن
الاستراتيجية الجديدة تهدف إلى معالجة أسباب الفقر بصورة جذرية لا سيما أن
نسبته في سوريا تراوح ما بين 70 و90 في المئة.
بدوره أكد وزير الاقتصاد
والصناعة نضال الشعار أن معدلات البطالة في سوريا لا تزال مرتفعة بصورة
كبيرة، مما يستدعي بذل مزيد من الجهود لتذليل العقبات أمام القطاع الخاص،
وتشجيع الشركات على التوسع وفتح فرص عمل جديدة، وقال في ندوة حوارية على
هامش معرض دمشق الدولي الذي اختتم قبل أيام "إن تحديث آليات الإنتاج هو
خطوة ضرورية لرفع كفاءة القطاعات الإنتاجية ومكافحة البطالة وخلق فرص عمل
جديدة".
إلى ذلك أعلنت وزارة الشؤون
الاجتماعية والعمل عن إعادة تفعيل منصة سوق العمل، في إطار جهودها الرامية
إلى تعزيز فرص التشغيل، وتطوير سوق العمل. وتهدف المنصة إلى مساعدة أصحاب
العمل في الوصول إلى الكفاءات والمهارات المناسبة لملء الشواغر المتوافرة،
وتحقيق المطابقة الفعالة بين الباحثين عن فرص عمل وأرباب العمل.
وأكدت الوزارة التزامها دعم
استراتيجيات التشغيل، وتعزيز الشراكة مع القطاعين العام والخاص، بما يحقق
التنمية المستدامة ويخدم تطلعات الشباب السوري.
البطالة والفقر التركة الثقيلة
يبدو الاقتصاد السوري
مدمراً والفقر مستشرياً مما يجعل الطريق صعباً نحو التعافي الاجتماعي
والاقتصادي، فالصراع المستمر منذ 14 عاماً أفسد ما يقارب أربعة عقود من
التقدم الاقتصادي والاجتماعي ورأس المال البشري.
كل ذلك أدى إلى تزايد
معدلات البطالة التي زاد من وطأتها التضخم وارتفاع الأسعار "المتوحش"
وانهيار العملة وفقدان الأمن الاقتصادي، لتبدو البطالة والفقر تركة ثقيلة
أمام الحكومة الحالية التي تدرك أنه لم يعد بالإمكان تجاهل ملف البطالة
الذي وصل إلى مستويات مخيفة.
وقال تقرير سابق لبرنامج
الأمم المتحدة الإنمائي إن واحداً من كل أربعة عاطلين من العمل في سوريا
وتسعة من كل 10 أشخاص يعيشون في فقر، وكي يستعيد الاقتصاد السوري مستواه ما
قبل عام 2011 فإنه يحتاج إلى عقد من الزمن في ظل نمو قوي.
وحذر التقرير من أنه وفقاً
لمعدلات النمو الحالية، لن يستعيد الاقتصاد السوري مستواه قبل الصراع من
الناتج المحلي الإجمالي قبل عام 2080، موضحاً أنه لا بد من أن يرتفع النمو
الاقتصادي السنوي ستة أضعاف لتقصير فترة التعافي إلى 10 أعوام، وستكون هناك
حاجة إلى ارتفاع طموح بمقدار 10 أضعاف على مدى 15 عاماً لإعادة الاقتصاد
إلى ما كان ينبغي أن يصبح عليه لولا الصراع.
وأفاد
التقرير بأن الناتج المحلي الإجمالي للبلاد انخفض إلى أقل من نصف قيمته
منذ بدء الصراع عام 2011، وتضاعفت البطالة ثلاث مرات، وأصبح واحد من كل
أربعة سوريين عاطلاً من العمل الآن، كما أدى تدهور البنية الأساسية العامة
إلى مضاعفة تأثير الصراع بصورة كبيرة. اندبندنت عربية
|