سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:25/08/2025 | SYR: 04:13 | 26/08/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



 بريطانيا على مفترق طرق اقتصادية وسط عاصفة من الانحدار
25/08/2025      



سيرياستيبس 
كتب الاعلامي غالب درويش 

ضمن مشهد اقتصادي عالمي متقلب، يواجه الاقتصاد البريطاني تحديات متصاعدة تدفع به نحو مسار من الانحدار، إذ لم تعد الأزمة مجرد انعكاس للتأثيرات العالمية كالتضخم وارتفاع أسعار الطاقة، بل نتيجة تراكم عوامل داخلية وخارجية، بعضها يعود إلى قرارات تاريخية غيرت مسار البلاد، وعلى رأسها "بريكست".

إلى ذلك يضع هذا المزيج المعقد من الصدمات الخارجية والقرارات الداخلية الاقتصاد البريطاني في موقف حرج، إذ يعاني ضعفاً في النمو وارتفاعاً في معدلات التضخم، وضغطاً متزايداً على مستويات المعيشة.

وكشفت أحدث المؤشرات عن هشاشة الهيكل الاقتصادي البريطاني وقدرته المحدودة على امتصاص الصدمات، فخلال وقت تتعافى فيه اقتصادات كبرى أخرى تبدو بريطانيا كمن يسير في الاتجاه المعاكس، مما يثير تساؤلات جدية حول فعالية السياسات الحكومية الحالية وقدرتها على استعادة الثقة وتحقيق استقرار مستدام.

هذه التحديات ليست مجرد أرقام تعلن ضمن تقارير دورية، بل واقع يومي يؤثر في حياة الأفراد والشركات، ويضع مستقبل البلاد الاقتصادي على المحك.

مؤشرات اقتصادية تؤكد التراجع
أفادت نائبة وزيرة الخزانة دارين جونز ضمن تصريحات صحافية حديثة بأن الحكومة تنفق "مبالغ طائلة" على سداد فوائد الدين الوطني طويل الأمد، مُنفقة 7.1 مليار جنيه استرليني (9.5 مليار دولار) خلال يوليو (تموز) الماضي فقط لتغطية الفوائد المستحقة على دين الحكومة المركزية، بزيادة قدرها 200 مليون جنيه استرليني (269.3 مليون دولار) على الشهر نفسه من العام الماضي. وأكدت ضرورة خفض الاقتراض الحكومي حتى لا يتحمل العاملون الكلفة.


أما عن الوضع المالي العام، فأظهرت بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية الصادرة أخيراً أن الاقتراض العام من القطاع العام بلغ 60 مليار جنيه استرليني (80.8 مليار دولار) بين أبريل (نيسان) ويوليو (تموز) الماضيين، بزيادة قدرها 6.7 مليار جنيه استرليني (9 مليارات دولار) على الفترة نفسها من العام الماضي.

وخلال يوليو الماضي، حققت الموازنة الحالية فائضاً قدره 3.3 مليار جنيه استرليني (4.4 مليار دولار)، مدفوعاً بزيادة في إيرادات الضرائب، لا سيما من حملة وزيرة الخزانة الضريبية على أصحاب العمل التي جلبت 2.6 مليار جنيه استرليني (3.5 مليار دولار) إضافية خلال الشهر ذاته.

وعلى صعيد المؤشرات الرئيسة، تشير التقديرات الأولية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي داخل بريطانيا انخفض 0.1 في المئة خلال الربع الثاني من العام الحالي، بعد انكماشه بنسبة 0.3 في المئة خلال الربع الأول، مما يشير إلى دخول الاقتصاد في ركود فني.

وخلال الوقت نفسه لا يزال التضخم أعلى من المستهدف بكثير، إذ وصل معدل تضخم أسعار المستهلكين إلى 8.5 في المئة خلال يوليو الماضي، فيما تواصل الأجور نموها بوتيرة أبطأ من التضخم، مما يؤدي إلى تراجع حقيقي في دخل الأسر.

وفي ظل هذه الأرقام، زاد بنك إنجلترا من أسعار الفائدة إلى 5.5 في المئة ضمن محاولة لكبح جماح التضخم.

أما عن سوق العمل، فانخفض عدد الوظائف الشاغرة بصورة مطردة منذ أن بلغت ذروتها عام 2022، وتظهر التقديرات من مكتب الإحصاء الوطني وهيئة الإيرادات والجمارك هبوطاً في عدد الموظفين الذين يدرجون على كشوف الأجور حتى الآن خلال العام الحالي.

سياسات متشددة
قال محللون لـ"اندندنت عربية" إن أبرز العوامل التي دفعت الاقتصاد البريطاني نحو الانحدار تتمثل في مزيج من تداعيات "بريكست" وخروجها من الاتحاد الأوروبي، وارتفاع معدلات التضخم والسياسات النقدية المتشددة.

وأوضح المحللون أن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي تسبب في تعقيد سلاسل التوريد، وتقويض العلاقات التجارية وتقليل تدفق العمالة الماهرة، مما أدى إلى انخفاض في الإنتاجية وزيادة الكلفة.

وأشار المحللون إلى أن التضخم المستورد الناجم عن ارتفاع أسعار الطاقة والسلع العالمية تفاقم بسبب ضعف الجنيه الاسترليني، مما جعل الواردات أكثر كلفة. ولفتوا إلى أن استجابة بنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة، على رغم كونها ضرورية، أدت إلى زيادة الضغط على المقترضين وأسواق العقارات، مما يهدد بحدوث ركود أعمق.

وبيَّن المحللون أن السياسات الحكومية الحالية تواجه تحديات كبيرة، إذ إنه في حين تسعى الحكومة إلى تحقيق استقرار مالي فإن القرارات الضريبية والإنفاقية قد لا تكون كافية أو موجهة بصورة صحيحة لتحفيز النمو الاقتصادي. وأكدوا أن هناك شكوكاً حول قدرة هذه السياسات على معالجة المشكلات الهيكلية طويلة الأمد، التي يعانيها الاقتصاد البريطاني.

ضعف الإنتاجية
وبدوره، أوضح رئيس قسم الأبحاث لدى "إيكويتي غروب" في لندن رائد الخضر أن أبرز العوامل التي أثرت سلباً على الاقتصاد البريطاني هي مزيج من تراجع الإنتاجية، وضعف الانفتاح التجاري بعد "بريكست"، إضافة إلى تباطؤ سوق العمل وارتفاع العبء الضريبي. وقال إن هذه العوامل مجتمعة شكلت ضغطاً كبيراً على النشاط الاقتصادي، فوق تأثير السياسات النقدية المتشددة خلال العامين الماضيين.

ولفت الخضر إلى أن بيانات الربع الثاني من عام 2025 أظهرت ما سماه "التعافي المتقطع"، إذ تباطأ النمو الاقتصادي إلى 0.3 في المئة من 0.7 في المئة خلال الربع السابق.

وأشار إلى أن الاستهلاك تأثر سلباً بسبب تراجع التوظيف وتقلص الدخل المتاح، في ظل استمرار تجميد شرائح الضرائب.



وفي ما يخص تبعات "بريكست" بيَّن الخضر أن التقديرات تشير إلى أن كثافة التجارة أصبحت أقل بنحو 15 في المئة، وأن القدرة الإنتاجية الممكنة أقل بنحو أربعة في المئة مقارنة بسيناريو البقاء في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يفسر ضعف الاستثمار والإنتاجية. وأوضح أن "بريكست" خفض سرعة الاقتصاد وكبل النشاط بسقف إنتاجية أدنى.

أما عن دور التضخم والفائدة، فأشار إلى أن التضخم عاود الارتفاع إلى 3.8 في المئة بقراءته السنوية خلال يوليو الماضي، وهو مستوى أعلى من المستهدف عند اثنين في المئة.

وأضاف أن هذا لا يمنح السياسة النقدية الحرية لتكون أكثر تيسيراً لدعم الاقتصاد. وتابع أن كلفة الاقتراض لا تزال مرتفعة وتؤخر كلاً من الاستثمار والاستهلاك في ظل تراجع معدلات الأجور وتقلص فرص الوظائف، مما يزيد الضغط على الإنفاق الأسري ويضغط على هوامش أرباح الشركات.

ضغوط حاسمة
بدوره، أكد المحلل الاقتصادي والرئيس التنفيذي لشركة "أي تي أي غلوبال" علي حمودي أن الاقتصاد البريطاني لا يزال يواجه ضغوطاً حاسمة ومستمرة، مضيفاً أن هذه الضغوط ليست مجرد إرث من الحكومات السابقة، بل باتت مسؤولية مباشرة على عاتق حكومة كير ستارمر العمالية لإيجاد حلول حقيقية.

وأشار حمودي إلى أن الاقتصاد البريطاني يواجه تحديات إضافية تتمثل في خروج رؤوس الأموال والاستثمار المباشر من البلاد، وعزا ذلك إلى مخاوف المستثمرين من عدم اتضاح صورة السياسة الضريبية المستقبلية، وبخاصة مع توجهها نحو الارتفاع.

وأضاف أن قطاع العقار يواجه تحديات كبيرة أيضاً بسبب ارتفاع أسعار الفائدة على الرهون العقارية.

وأكد أن الضغوط التضخمية اتسعت على رغم الانفراجات السياسية الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي، مما أبقى فجوة العجز في الموازنة العامة في حال اتساع.

وبيَّن أن شبح الركود يلوح في الأفق، وبخاصة مع تراجع النمو خلال الربع الثاني من العام الحالي إلى 0.3 في المئة، وانضمام أكثر من 180 ألف شخص إلى قوائم العاطلين من العمل في غضون أشهر قليلة.

وأكد حمودي أن خفض الفائدة الأخير من قبل بنك إنجلترا المركزي بمقدار ربع نقطة مئوية فقط هو "خطوة خجولة"، لا يمكن أن تحرك مسار النمو إلى الأمام، مع بقاء التضخم أعلى من المعدل الرسمي.

محرك وحيد
من جانبه، وأوضح المحلل الاقتصادي والمدير الإقليمي لدى شركة "إنسينكراتو" العالمية محمد كرم أن التيسير النقدي يعد المحرك الوحيد القادر على إنعاش الاقتصاد البريطاني، لكنه ليس خياراً مفضلاً لدى محافظ البنك المركزي أندرو بيلي في ظل ارتفاع معدلات التضخم.

وأضاف أن سياسة التشديد النقدي تبدو متناغمة بين المشرعين المستقلين وحكومة ستارمر، إذ الأولوية هي كبح جماح التضخم حتى لو أدى ذلك إلى تباطؤ في النمو، مؤكداً أن هذا التوجه يضمن استمرار الأداء الاقتصادي الحالي، وسط تراجع مستمر في شعبية الحكومة التي لم تكمل عامها الأول.

وشدد على أن المهمة صعبة أمام وزيرة المالية راشيل ريفز التي تبدو مصرة على التقشف لسد فجوة العجز، على عكس الحكومات السابقة التي لم تكن تهتم بهذا الجانب بالفعل.

لماذا سياسة التقشف ؟

وقال المتخصص والمحلل الاقتصادي صالح طربية إنه منذ الأزمة المالية (أزمة الائتمان) نما الاقتصاد البريطاني بنسبة 1.5 في سنوياً، وهي نسبة ضعيفة، وفي الوقت ذاته انتهجت حكومة كاميرون سياسة التقشف بدلاً من الاستثمار الرأسمالي في البنية التحتية، ثم جاء "بريكست" ليعوق تعثر النمو الاقتصادي، فيما تسببت جائحة كورونا في طباعة غير مسبوقة لمبلغ 400 مليار جنيه استرليني (540.96 مليار دولار) كما أدت حرب أوكرانيا إلى التضخم وأزمة غلاء معيشة مدمرة.

ماذا يعني الاستقرار؟

أضاف طربية الذي عمل فترة طويلة في أسواق المال في لندن، "أما سياسياً فحكمت حكومتا تاتشر وبلير المملكة المتحدة مدة إجمالية بلغت 21 عاماً، مما يعكس مدى الاستقرار حينها. أما الآن، فبريطانيا لديها سادس رئيس وزراء خلال ستة أعوام فقط".

لماذا القلق؟

يشير طربية إلى أن القلق الحالي هو أن أحداً ليس لديه اهتمام بشراء السندات البريطانية (Gilt) والحكومة الحالية لا تملك وسيلة سوى فرض الضرائب والإنفاق، من دون وجود نمو اقتصادي حقيقي، وإذا استمر هذا الوضع، فإن المواطن البريطاني العادي سيزداد فقراً، وقد تضطر المملكة المتحدة في النهاية إلى طلب خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.

تراجع الثقة
بدوره، قال المتخصص في الاقتصاد العالمي مصطفى متولي إن الاقتصاد البريطاني يعاني منذ فترة طويلة، نتيجة عوامل داخلية وخارجية أدت إلى تراجع ثقة البريطانيين فيه، وفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة.

وأشار متولي إلى أن أبرز العوامل الخارجية المؤثرة تمثل في الدعم المالي الهائل الذي قدمته بريطانيا لأوكرانيا، والمقدر بعشرات المليارات من الدولارات في ظل استمرار الحرب الروسية – الأوكرانية، موضحاً أن هذا الدعم تزامن مع تصريحات لوزير الدفاع البريطاني جون هيلي بأن عام 2025 سيكون حاسماً لأوكرانيا في صراعها مع روسيا، مما يفرض ضغوطاً إضافية على الموازنة العامة.

وفي ما يتعلق بالأسباب الداخلية، أوضح متولي أن ارتفاع معدلات التضخم وكلفة المعيشة، خصوصاً خلال الإجازات الصيفية، شكل عبئاً كبيراً على الاقتصاد.


وأضاف أن التضخم تجاوز توقعات الحكومة، خلال وقت فرضت فيه حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر ضرائب على الشركات، وذلك في أعقاب التعريفات الجمركية التي فرضتها الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترمب على المنتجات البريطانية، مما زاد من الضغوط على الاقتصاد والمستهلكين داخل بريطانيا.

رياح عكسية
وفي السياق ذاته، أصدرت شركة الأبحاث "كابيتال إيكونوميكس" مذكرة بحثية تؤكد أن الاقتصاد البريطاني سيظل يواجه رياحاً عكسية من التضخم المرتفع، وارتفاع أسعار الفائدة.

وتتوقع الشركة أن وزارة الخزانة ستحتاج إلى زيادة الضرائب بما يراوح بين 17 مليار جنيه استرليني (22.9 مليار دولار) و27 مليار جنيه استرليني (36.3 مليار دولار)، في الموازنة المقررة لاحقاً العام الحالي لتحقيق التوازن في موازنات الدولة، وبخاصة مع تراجع الحكومة عن بعض خطط خفض الإنفاق.

استراتيجيات حكومية وآفاق مستقبلية
وفي خضم هذه التحديات تعمل الحكومة على تنفيذ استراتيجيات تهدف إلى تحقيق الاستقرار والنمو، ومن أبرزها خطة لزيادة الموازنات الإجمالية للإنفاق اليومي بمعدل 1.2 في المئة سنوياً بالقيمة الحقيقية بين عامي 2025/2026 و2028/2029، مع رفع الإنفاق الاستثماري بمعدل 1.8 في المئة سنوياً.

وأعلنت الحكومة استراتيجية صناعية جديدة تركز على ثمانية قطاعات ذات نمو مرتفع، إضافة إلى استراتيجية للبنية التحتية تحدد خطة عشرية لإنفاق التمويل بفعالية على المشاريع الاقتصادية والاجتماعية. وتتضمن خطط الحكومة أيضاً استراتيجية تجارية تهدف إلى تحديد الأولويات في ما يتعلق باتفاقات التجارة وتقديم الدعم للشركات.

وعلى رغم هذه الجهود فإن السياسات الحالية قد لا تكون كافية أو موجهة بصورة صحيحة لوقف التراجع الاقتصادي، إذ إن التوقعات تشير إلى أن التحديات الهيكلية والضغوط التضخمية ستستمر في التأثير سلباً على الأداء.

وأخيراً على الصعيد ذاته، أظهر تقرير بحثي صادر عن بنك "غولدمان ساكس" أن توقعات النمو للاقتصاد البريطاني للأعوام الثلاثة المقبلة تبدو ضعيفة، مشيراً إلى أن التحديات الهيكلية والضغوط التضخمية ستستمر في التأثير سلباً على الأداء الاقتصادي. ويرى أن التعافي سيكون بطيئاً وغير منتظم، وأن البلاد قد تحتاج إلى أعوام عدة لتستعيد زخمها الاقتصادي.

تراكم عوامل هيكلية
وقال الشريك المؤسس لأكاديمية "تريدر" الأميركية عمرو عبده إن الاقتصاد البريطاني يواجه انحداراً حاداً نتيجة تراكم عوامل هيكلية، أبرزها ضعف الإنتاجية وتراجع الاستثمارات وتقلص القوة الشرائية بفعل السياسات الضريبية المتشددة، مشيراً إلى أن "بريكست" لم يكن مجرد حدث سياسي، بل نقطة تحول اقتصادي أضعفت الروابط التجارية مع أوروبا، وأثرت في سلاسل الإمداد، مما زاد من عزلة السوق البريطانية.

وأضاف عبده أن التضخم المرتفع مدفوعاً بأزمات الطاقة والغذاء أجبر بنك إنجلترا على رفع أسعار الفائدة بوتيرة قياسية، مما أدى إلى تجميد النشاط العقاري وتراجع الاستهلاك المحلي، موضحاً أن هذه السياسات النقدية على رغم ضرورتها لكبح التضخم، عمقت الركود وأثرت في ثقة المستثمرين.

وفي تقييمه للسياسات الحكومية، قال عبده إن الاستجابة لا تزال مجزأة وغير متماسكة، إذ تفتقر إلى رؤية طويلة المدى تعالج جذور الأزمة لا أعراضها فحسب، مشيراً إلى أن غياب الحوافز الإنتاجية وتباطؤ الإصلاحات الهيكلية، يحدان من قدرة الحكومة على وقف التدهور.

ماذا عن أزمة الديون؟
في الوقت ذاته حذر اقتصاديون بارزون من أن السياسات المالية التي تنتهجها وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز قد تدفع المملكة المتحدة نحو أزمة ديون مشابهة لتلك التي شهدتها خلال السبعينيات، مما قد يستدعي طلب خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.

وخلال وقت سابق من العام الحالي، صرح البروفيسور جاغيت تشادا الذي استقال أخيراً من منصبه كرئيس للمعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية، بأن الاقتصاد البريطاني مهدد بـ"الانهيار"، مشيراً إلى أن الوضع المالي "خطر بنفس درجة خطورة الفترة التي سبقت قرض صندوق النقد الدولي عام 1976".

وفي هذا السياق، حذرت مقالة ضمن صحيفة "ذا صن" من أن استمرار مطالبات النقابات العمالية بزيادة الأجور وسط أزمة مالية قد يؤدي إلى "إفلاس بريطانيا" وتدمير وظائف أعضائها، مشيراً إلى أن ذلك قد يقود البلاد نحو أزمة ديون شبيهة بتلك التي شهدتها اليونان خلال عام 2010.

وتستمر النقاشات حول السياسات المالية داخل المملكة المتحدة، مع دعوات لإعادة النظر في هيكلية مكتب مسؤولية الموازنة، إذ اقترحت مؤسسة "نيو إيكونوميكس فاونديشن" إلغاء المكتب الحالي وتأسيس مكتب جديد للشفافية المالية، بهدف تقليل القيود المفروضة على السياسات المالية وتعزيز النمو الاقتصادي.

هل تتكرر أزمة السبعينيات؟
وتتزايد تحذيرات الاقتصاديين في شأن السياسات المالية لوزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، التي يخشى أن تقود المملكة المتحدة إلى أزمة اقتصادية مشابهة لتلك التي شهدتها البلاد خلال السبعينيات، إذ يحذر الاقتصاديون من أن السياسات الحالية قد تؤدي إلى أزمة ديون تتطلب تدخل صندوق النقد الدولي.

من جانبه، وصف العضو السابق ضمن لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا أندرو سينتانس الوضع بأنه "يذكرنا كثيراً بسبعينيات القرن الماضي"، محذراً في حديثه لصحيفة "تليغراف" من أن السياسات المالية الحالية قد تؤدي إلى أزمة شبيهة بتلك التي وقعت عام 1976، مضيفاً أن المملكة المتحدة تواجه تحديات اقتصادية خطرة، مع ارتفاع كلفة الاقتراض وتزايد الديون.

من جهته، أشار الرئيس السابق للمعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية البروفيسور جاجيت تشاد، إلى أن الاقتصاد البريطاني معرض لخطر "الانهيار"، محذراً من أن الوضع المالي الحالي يشبه إلى حد بعيد الفترة التي سبقت قرض صندوق النقد الدولي عام 1976.

هل تتجه بريطانيا لصندوق النقد؟
أجبرت الديون المتصاعدة وتراجع قيمة الجنيه الاسترليني وزير الخزانة السابق لحزب "العمال" دينيس هيلي على التقدم بطلب إنقاذ مالي من صندوق النقد الدولي عام 1976. ومقابل إقراضه الأموال، فرض صندوق النقد الدولي خفوضاً هائلة في الإنفاق العام، مما أجبر حزب "العمال" على تقليص برنامجه لبناء المساكن البلدية.

وصرح العضو السابق في لجنة السياسة النقدية ويليم بويتر بأنه ما لم تغير ريفز مسارها، فإنها ستواجه تدقيقاً من الأسواق "سيكون فعالاً في الأقل بقدر ضغط صندوق النقد الدولي خلال سبعينيات القرن الماضي"، قائلاً إن وزيرة الخزانة "ستجبر" على نقض بيان حزب "العمال" ورفع الضرائب على العمال في الخريف لتهدئة أسواق السندات.

وأضاف "أعتقد أنه لا يوجد بديل واقعي سوى نقض الالتزام بعدم رفع الضرائب الرئيسة، مثل ضريبة الدخل الشخصي وضريبة القيمة المضافة خلال فترة ولاية هذه الحكومة، لذا ستجبر على فعل ذلك".

جاء ذلك خلال وقت دق فيه اتحاد التجزئة البريطاني، الذي يمثل أكبر سلاسل المتاجر داخل البلاد، ناقوس الخطر في شأن ارتفاع الأسعار.

وفي مقالة لها ضمن صحيفة "تليغراف"، قالت الرئيسة التنفيذية للاتحاد هيلين ديكنسون إن سياسات ريفز الضريبية قد تؤدي إلى بقاء تضخم أسعار الغذاء عند خمسة في المئة، طوال العام المقبل.

وفي مقالة مشتركة مع عمدة تيس فالي من حزب "المحافظين" اللورد هوشن، حثت ريفز على التراجع عن خطط زيادة ضرائب الأعمال على المتاجر الكبرى، محذرة من "أن أية موازنة تلحق ضرراً بالغاً بقطاع التجزئة، كالموازنة السابقة، ستبقي تضخم أسعار الغذاء ثابتاً فوق خمسة في المئة حتى عام 2026".

وأضافت "بالنسبة إلى الأسر، سيشبه ذلك ركوداً تضخمياً وتباطؤاً في النمو، واستمرار ارتفاع الأسعار وعدم وجود مخرج واضح".

يأتي هذا في ظل تزايد القلق في شأن حجم الدين الوطني، الذي دفع المستثمرين الدوليين إلى رفع أسعار الفائدة التي يفرضونها على الإقراض لبريطانيا.

وبلغت كلفة سندات الحكومة البريطانية لأجل 30 عاماً 5.58 في المئة أول من أمس الجمعة، متجاوزة المستويات التي سجلت خلال التداعيات الفوضوية لموازنة ليز تراس المصغرة.

وتحتل بريطانيا الآن المرتبة الخامسة من حيث أعلى نسبة دين إلى الناتج المحلي الإجمالي في العالم المتقدم، إذ بلغت 96.3 في المئة. ونتيجة لذلك، ستصل مدفوعات فوائد الديون إلى 111.2 مليار جنيه استرليني (150.3 مليار دولار) هذا العام، أي ما يعادل جنيهاً استرلينياً واحداً (1.3 دولار) من كل 12 جنيهاً استرلينياً (16.2 مليار دولار) تنفقها الحكومة، وفقاً لمكتب مسؤولية الموازنة.

وحذر سياسيو المعارضة من أن ريفز ستزيد الوضع سوءاً إذا رفعت الضرائب لتغطية الكلفة، مُصرين على ضرورة خفض الإنفاق بدلاً من ذلك.

ووقال رئيس حزب "الإصلاح" نايجل فاراج إن وزيرة المالية ستدفع بريطانيا إلى "حلقة قاتمة اقتصادية"، إذا رفعت الضرائب مجدداً ضمن الموازنة المقبلة، مؤكداً "أشعر وكأنني أعيش تجربة مشابهة. أعود إلى السبعينيات من جديد، لكن وضعنا الاجتماعي أسوأ بكثير مما كان عليه آنذاك".

وأضاف "مررنا بأوقات عصيبة اقتصادياً خلال السبعينيات، لكننا في الأقل كنا متحدين إلى حد ما كدولة وثقافة. وهذه المرة نمر بأوقات اقتصادية صعبة هنا، والأسوأ قادم في أمة منقسمة بشدة، لذا فهي ليست وصفة سعيدة".

وتابع "اليوم نحن في دوامة ديون، وأتوقع أن موازنة راشيل ريفز في الخريف ستزيد الطين بلة. في الواقع، لسنا بعيدين جداً من الوقوع في دوامة اقتصادية خانقة".

وفي مقالة لها ضمن صحيفة "تليغراف"، قالت زعيمة حزب "المحافظين" البريطاني كيمي بادينوك "مررنا بهذا من قبل. بعد خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي وشتاء السخط في السبعينيات، وبعد الأزمة المالية عام 2008".

اندبندنت عربية 


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16


Orient 2022



معرض حلب


ChamWings_Banner


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس