سيرياستيبس :
بينما تضج مقاهي العاصمة السورية دمشق، من مقهى "الهافانا" إلى "الروضة" بنقاشات لا تنتهي بين مثقفين وإعلاميين وكتاب ومعتنقي السياسة الجدد منهم والقدامى، المعارضين والموالين بمختلف تصنيفاتهم من أهل البلد المقيمين والعائدين، تبدو فنادق دمشق الفاخرة من "فور سيزون" إلى "شيراتون" و"الشام" مسرحاً لنقاشات من نوع آخر، اجتماعات وحوارات ولقاءات ومقابلات لاستكشاف فرص العمل والتجارة والاستثمار في "سوريا الجديدة"، مستثمرون ورجال أعمال ومبعوثون من شركات عربية وأجنبية يبحثون عن وكلاء وشركاء وفرص استثمارية، ويرتفع مستوى الطموح عند بعضهم إلى مستوى إنشاء محطات توليد كهرباء ومصانع كبيرة ومعامل أسمنت وفنادق خمس نجوم وبنوك وطرق مأجورة ومشاريع غاز ونفط غيرها.
الوسطاء والسماسرة حاضرون لتقديم خدماتهم من تنظيم الاجتماعات وتأمين اللقاءات مع المعنيين في الحكومة والشركاء المحتملين، ليبدو الأمر في نهاية كل يوم أشبه بصراع على المستقبل بين أصحاب الفكر هناك في المقاهي، وأصحاب المال في الفنادق داخل حلبتين منفصلتين تماماً.
الباحثون عن الفرص في سوريا كثر ومن بلدان مختلفة، لكن يبدو أن الحراك الخليجي والتركي ومن ثم الغربي بما فيه الأميركي الأكثر وضوحاً، وبينما تركز الجارة لبنان على الوكالات التجارية، فإن الأردن والعراق كمثالين يريان أن التعاون مع سوريا قائم على مشاريع مشتركة وبخاصة في مجال النقل، وكثير من الشركات بدأت عملية الاستطلاع في بلد لم ينجح بالتوجه شرقاً وحان الوقت لتصحيح البوصلة وضبطها باتجاه الخليج وأوروبا.
ترتيب البيت الداخلي كاملاً
الاستشاري القانوني والاقتصادي "بسام صباغ" توقع في حديث إلى "اندبندنت عربية" أن يأخذ مسار الاستثمار في سوريا تصاعداً مهماً خلال الأعوام المقبلة، في ظل الاهتمام الذي تبديه الشركات والمستثمرون وحتى الدول لمسألة القدوم إلى سوريا المنهكة اقتصادياً والعمل داخلها في ظل وجود فرص كثيرة ومتنوعة بل وكبيرة، مشدداً على ضرورة ترتيب البيت الاستثماري الداخلي من النواحي القانونية والإجرائية والإدارية، والمبادرة إلى وضع خريطة للاستثمار تضمن جذب وتوجيه المستثمرين إلى الفرص والقطاعات التي تشكل أولوية بالنسبة إلى سوريا واقتصادها، وبصورة تتحقق معها خطوات ملموسة على طريق إعادة الإعمار وتحسين معيشة السكان، وتوفير فرص العمل وتأمين حاجات البلاد.
وقال إن الانطلاقة الاستثمارية الحقيقية لربما ما زالت في حاجة إلى بعض الوقت، في ظل توافر خطوات جدية باتجاه تحرير البلاد من العقوبات وقدرة داخلية على تهيئة المناخ العام لبيئة الأعمال والنجاح في تحقق الأمان وإزالة المظاهر المسلحة من الشوارع والأماكن العامة، وتأمين إصلاحات مصرفية عميقة تتيح خدمات مصرفية عالية المستوى بما فيها ضمان حرية تحويل الأموال وعدم تقييد الحصول عليها، لأن أي تقييد سيكون عائقاً أمام قدوم المستثمرين، لذلك أمام الحكومة السورية كثير لتفعله حتى تستطيع تقريب خطوات انطلاقتها نحو المستقبل، موضحاً أن اهتمامات الدول في سوريا تختلف من دولة إلى أخرى، وفي حين أن أوروبا والولايات المتحدة سيتجهان نحو الاستثمار في الغاز والنفط والكهرباء والطاقة البديلة والمشاريع التكنولوجية، فإن المتوقع أن تكون هناك استثمارات فرنسية في قطاع النفط والغاز وعودة مشاريع الأسمنت كما كانت قبل الحرب.
أضاف "أتوقع أن يكون للسعودية حضور مهم جداً في مرحلة إعادة الإعمار، وبخاصة في قطاع التطوير العقاري والاقتصاد المستدام، وأعتقد أن السعودية يمكن أن تكون نموذجاً يحتذى بالنسبة إلى سوريا عندما تخطط للتنمية"، لافتاً إلى أنه من الطبيعي أن تأتي استثمارات قطرية وإماراتية مهمة إلى البلاد عبر شركات كبرى لديها سمعة عالمية في الاستثمار.
أما بالنسبة إلى تركيا، فيقول إن طموحاتها في سوريا ستنصب في قطاع التجارة أولاً كونها تعاني فائضاً في الإنتاج، وموقع سوريا يمكن أن يوفر لها الأسواق القريبة وبعناء أقل، لافتاً إلى أن الأتراك لديهم تطلعات كبيرة في قطاع مواد البناء ومشاريع النقل، موضحاً أنه بالنسبة إلى قطاع السياحة سيكون هناك منافسة بين عدد من الدول والشركات، وإذا جرى التخطيط لقطاع السياحة بصورة جيدة وتحريره من المعوِّقات التي يعانيها بما فيها المعوِّقات المستجدة التي ظهرت حديثاً بعد قدوم الإدارة الجديدة، فإن سوريا ستتحول في غضون أعوام قليلة إلى أهم مقاصد السياحة حول العالم، معتمدة في ذلك على تنوعها وغناها الجغرافي.
وأردف قائلاً "لذلك لا بد من التحرك سريعاً نحو وضع خطط للتنمية ووضع مسار يمكن من خلاله جذب الاستثمارات والأموال التي يمكن أن تكون لها آثار مباشرة على معيشة الناس والنهوض بمستوى إنفاقهم، وقد يكون من الحكمة دراسة السوق السورية بصورة عميقة وجيدة، والأهم بصورة واقعية، والعمل على توجيه دفة الاستثمار خلال المرحلة الأولى نحو القطاعات التي تخلق قيماً مضافة في الاقتصاد السوري، وتأمين فرص عمل وحركة سريعة لرؤوس الأموال"، مؤكداً أن التعامل مع المعوِّقات يجب أن يكون جدياً، فلن يأتي أي مستثمر ما دامت هناك علامات استفهام لديه.
حملات استكشاف استثمارية
لا تكاد تنقطع الأنباء عن زيارات الوفود الاقتصادية ورجال الأعمال والمستثمرين العرب والأجانب والمغتربين إلى سوريا، ولا يكاد يمضي يوم إلا ويكون هناك حديث عن زيارة لرجل أعمال معروف أو وفد من دولة أو شركة إلى دمشق، وإذا بدأنا من أحدثها يطالعنا خبر مُفاده استقبال وزير الطاقة السوري بداية الأسبوع الجاري وفداً أميركياً للاستثمار في مجال الغاز، أما رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور فأعلن عن تدشين أول استثماراته في سوريا من خلال شركة طيران حملت اسم "فلاي شام"، وبدوره زار نائب رئيس "مجموعة الخليج للكابلات والصناعات الكهربائية" بدر ناصر الخرافي دمشق بصورة رسمية والتقى الرئيس أحمد الشرع وكبار المسؤولين الحكوميين، وتحدث لاحقاً لوسائل الإعلام عن فرص واعدة داخل السوق السورية وإمكانية إقامة مشاريع حيوية، من بينها إنشاء مصنع جديد للكابلات في البلاد.
ومن جانبها، أبدت شركة "زين للاتصالات" رغبتها الدخول إلى السوق السورية، وشركة "سي أم أي سي جي أم" الفرنسية التي كانت السباقة صوب تجديد عقد إدارة محطات الحاويات في مرفأ اللاذقية، وأكثر من ذلك قال إنها ستستثمر 260 مليون دولار في تطوير المرفأ.
وقبل أيام جرى الإعلان عن توقيع الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مذكرة تفاهم مع شركة موانئ دبي العالمية "دي بي وورلد" بقيمة 800 مليون دولار أميركي، في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز البنية التحتية للموانئ والخدمات اللوجيستية داخل سوريا.
وفي كل ذلك تحدث وزير النقل السوري عن إحياء "مترو دمشق" الذي يتوقع أن تتنافس عليه شركات كبرى، وإن كانت تركيا أبدت استعدادها للاستثمار في هذا المشروع الكبير، وتحدث أيضاً عن إحياء مشروع الطرق المأجورة الذي طورت فكرته شركة "بارسونز الأميركية "عام 2010 بدعم من الحكومة القطرية، ويبدو أن قطاع النقل سيكون صاحب حظوة في الاستثمارات القادمة نظراً إلى الموقع التجاري الذي تتمتع به سوريا على الطريق الأقرب بين أوروبا والخليج.
وفي أثناء ذلك ينشط مستثمرون سعوديون في تقصي فرص الاستثمار داخل سوريا، ويؤكد متابعون أن السعودية ستكون العلامة الفارقة في صورة الاستثمار المقبل إلى البلاد، وقد لا يكون التطوير العقاري ملعبها الوحيد في ظل الإمكانات والخبرة الكبيرة اللتين تتمتع بهما.
وتحدثت مصادر خليجية عن وجود تحركات مكثفة لإقامة منتدى اقتصادي "خليجي-سوري" لبحث فرص الاستثمار في سوريا، ووفقاً لصحيفة "الاقتصادية" السعودية يتوقع أن يعقد نهاية العام الحالي أو مطلع عام 2026، بمشاركة مستثمرين خليجيين ومسؤولين سوريين، بحسب المصادر.
ويهدف المنتدى المرتقب إلى فتح قنوات مباشرة للتعاون الاقتصادي والتجاري، واستكشاف الفرص الاستثمارية في قطاعات حيوية مثل البنية التحتية والزراعة والطاقة والصناعة والسياحة، خصوصاً في ظل جهود إعادة الإعمار التي تشهدها سوريا، ولا سيما بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الرياض الثلاثاء قبل الماضي رفع العقوبات كاملة عن البلاد، خلال وقت تتجه فيه العواصم الخليجية إلى تعزيز أدوارها كمحركات إقليمية للاستقرار والنمو.
600شركة بناء تستطلع السوق
ومن المقرر أن تشهد دمشق خلال الـ28 من الشهر الجاري معرض "بيلدكس الدولي للبناء" الذي سيكون أكبر معرض خاص تشهده البلاد في تاريخها، وتشارك فيه نحو 600 شركة 125 منها من تركيا وحدها، التي بادرت بعد أسبوعين فقط من سقوط النظام المخلوع في الإعلان عن مشاركتها بجناح كبير في معرض "بيلدكس" الذي يقام على مساحة 130 ألف متر مربع، ويتوقع أن يشكل مختبراً حقيقياً لصورة الاستثمارات المقبلة للمشاركة في إعمار البلاد.
تركيا بدأت خطواتها لإقامة معامل أسمنت في سوريا، وسط حديث عن توجه فرنسا لاستعادة نشاطها في مجال النفط والغاز، مع الإشارة إلى أن فرنسا كانت أحد أهم المستثمرين في قطاع النفط والغاز السوري كما كان لها مشاريع مهمة في الأسمنت عبر شركة "لافارج"، قبل أن تنسحب بسبب العقوبات الغربية.
أوروبياً، كانت هناك محادثات للتعاون المالي بين سوريا والنرويج، بينما زار البلاد عدد من الوفود الألمانية التي تركز على مشاريع الطاقة البديلة وبخاصة طاقة الرياح، مع الإشارة إلى اتصالات سورية-ألمانية حدثت قبل عام 2011 وكان يمكن أن تفضي إلى إنشاء مزرعتين كبيرتين للرياح، لولا اندلاع الحرب.
يمكن الحديث أيضاً عن 50 جهة مصرفية ومالية أبدت استعدادها للعمل في سوريا عبر تأسيس بنوك جديدة أو افتتاح فروع لها، فيما زار دمشق قبل أيام وفد يمثل عدداً من الشركات الأوروبية وناقش مع المسؤولين السوريين آفاق تعزيز التعاون الاقتصادي في مجالات الصناعة والاستثمار.
وزار وفد من رجال الأعمال الصينيين المدينة الصناعية بحسياء لبحث فرص الاستثمار في مشاريع جديدة، وجرى طرح إقامة "المدينة الصينية"، التي تضم 100 شركة صينية في مختلف الاختصاصات الصناعية.
وتجارياً، تزدحم الوكالات للعمل في سوريا وتبدو لبنان الأكثر نشاطاً، إذ بدأ رجال أعمال بافتتاح سلسلة متاجر لمختلف الوكالات في مختلف المدن السورية، وبجولة داخل أسواق دمشق يلاحظ انتشار وكالات الألبسة الأوروبية والتركية، إضافة إلى الأحذية والحقائب والأجهزة الكهربائية وأجهزة الاتصالات والحواسيب.
عودة رجال الأعمال
في ما يخص رجال الأعمال السوريين، أعلن عدد منهم وبخاصة الموجودين في مصر والإمارات وتركيا والأردن ولبنان نيتهم العودة إلى سوريا، وكانت هناك زيارات لوفود من رجال الأعمال السوريين المقيمين داخل مصر والذين يملكون قدرات استثمارية كبيرة للغاية، وأعلن رجل الأعمال محمد كامل شرباتي وهو واحد من أهم المستثمرين في قطاع النسيج داخل مصر نيته العودة إلى البلاد واستئناف نشاطاته الصناعية، وبدوره أعلن رجل الأعمال السوري المعروف عماد غريواتي المقيم في دبي أن الاستثمار في سوريا واجب وطني وديني، ودعا المستثمرين للعمل في البلاد وبذل جهود حقيقية لاستقطاب المستثمرين العرب والأجانب، وإقامة مشاريع وتوفير فرص العمل وتحسين معيشة الناس.
في الأثناء، تشكل "المنتدى الاقتصادي السوري للتنمية" الذي يضم نخبة من رجال الأعمال السوريين والمهندسين والأطباء وغيرهم. ونظراً لأهميته، أصدر وزير الاقتصاد والصناعة الدكتور نضال الشعار قراراً باعتماد هذا المنتدى مصدراً للمعلومات والاستشارات والدراسات الخاصة في الشأن الاقتصادي.
ويبدو أن تحرك المستثمرين نحو سوريا سيتكثف مع قرار الاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن دمشق، إلا أن الإثمار يتعلق بقدرة الحكومة السورية وسرعتها على بناء مناخ استثمار متطور وجاذب.
تعطش للاستثمار مع وجود أمن وأمان
وبحسب المتخصص الاقتصادي عمار يوسف فإن استثمارات كبيرة ومهمة ستتمكن سوريا من استقطابها مرجحاً أن يكون مصدرها بالدرجة الأولى كنوعية وقيمة من الولايات المتحدة وأوروبا، وتحديداً فرنسا، ومن الخليج وبخاصة من السعودية والإمارات وقطر، كما أن تركيا ستكون لاعباً استثمارياً مهماً في سوريا، وقال إن الاستثمارات التي يمكن أن تستقطبها البلاد عند انطلاق عملية إعادة الإعمار وبعد توافر الظروف الكاملة من رفع العقوبات وتهيئة الظروف الاستثمارية، ستكون من مرتبة 300 إلى 350 مليار دولار خلال خمسة أعوام.
وتابع بقوله "اليوم ومع أهمية رفع العقوبات، فإن النجاح في استقطاب الأموال يرتبط بتوافر الأمن الاقتصادي والاستقرار السياسي، فالمستثمر ينجذب إلى البيئة الآمنة التي تحفظ وجوده وتؤمن أمواله وتيسر أعماله من دون قيود"، مشيراً إلى أن وجود أي مظهر مسلح يعني تأجيل قرارات الاستثمار وهذا ما يجب العمل سريعاً لإيجاد حلول جذرية له.
وتابع قائلاً "لا يوجد قطاع في سوريا لا يمكن الاستثمار فيه، من التدريب والتأهيل إلى المشاريع الصغيرة والزراعية والتصنيع الزراعي والعقارات والطاقة البديلة والسياحة، وصولاً إلى معامل الأسمنت والفوسفات والغاز والنفط، وحتى الصناعات البتروكيماوية يمكن أن تكون قطاعاً جاذباً للمستثمرين، إلى جانب قطاع الخدمات والقطاع المالي والمصرفي الذي يبدو أنه يتحمل مزيداً إلى جانب كونه قطاعاً في حاجة إلى التطوير ومده بالتكنولوجيا، وهذه كلها فرص عمل واستثمار".
ويعول يوسف على المستثمرين السوريين في الداخل والخارج، مشيراً إلى أنهم يشكلون القاطرة التي يمكن أن تجر كثيراً من الاستثمارات الخارجية، العربية والأجنبية، عدا عن كونهم يمتلكون إمكانات كبيرة جداً ويجدون اليوم فرصة مهمة لاستثمار أموالهم التي ظُلمت بسبب العقوبات وسياسة النظام السابق، الذي كبل الأموال ورجال الأعمال.
قانون للاستثمار في سوريا
كان الرئيس السوري أحمد الشرع ترأس قبل أيام اجتماعاً عالي المستوى يهدف إلى وضع قانون استثمار عصري في سوريا، يتوافق ومتطلبات المرحلة الجديدة داخل البلاد خصوصاً بعد رفع العقوبات .
وأعلنت هيئة الاستثمار السورية أنها تعمل على تجهيز فرص استثمارية جاذبة تهدف إلى تحقيق انفتاح اقتصادي واستثماري مع الدول العربية والعالمية، واستعادة ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال داخل البلاد، معتمدة في ذلك على تطوير البنية المؤسساتية واللوائح التنظيمية، إلى جانب دراسة تشريع جديد للاستثمار يوفر مناخاً أكثر تحفيزاً وجاذبية لرؤوس الأموال الأجنبية، موضحة أن العمل جار لتجهيز فرص استثمارية جاذبة وتنفيذ إصلاحات داخلية من شأنها تسهيل دخول الاستثمارات الخارجية وضمان استقرارها، إضافة إلى إعطاء الأولوية لعودة رؤوس الأموال المهاجرة من خلال سياسة اقتصادية جديدة شفافة ومشجعة، توفر بيئة آمنة للاستثمار وتعزز القدرة التنافسية لسوريا في المشهد الاقتصادي الإقليمي.
ويشير تقرير صادر عن هيئة الاستثمار السورية أن الاستثمارات شكلت جزءاً رئيساً من الاقتصاد السوري قبل عام 2010، وتمركزت في قطاعات العقارات والسياحة والمال، مستفيدة من إعفاءات ضريبية أسهمت في توسع المشاريع العمرانية.
وأوضح التقرير أن الاستثمارات الأجنبية تركزت بصورة أساس في قطاع النفط والغاز، إذ بلغ حجمها 77 مليار ليرة سورية (1.5 مليار دولار) عام 2010، أي ما يعادل وفق سعر الصرف حينها، وكانت السعودية المستثمر الخليجي الأكبر في سوريا بمساهمة بلغت 77.8 مليون دولار، تلتها الكويت بـ25.6 مليون دولار ثم الإمارات بـ21.3 مليون دولار وأخيراً البحرين بـ6.4 مليون دولار، لتشكل مجتمعة 10.6 في المئة من إجمال الاستثمارات الأجنبية داخل البلاد.
ومع بداية عام 2011، شهدت الاستثمارات الخارجية تراجعاً كبيراً، إذ لم يتجاوز عدد المشاريع الاستثمارية التي حصلت على الموافقة الأولية 48 مشروعاً خلال عام 2012، و49 مشروعاً عام 2013، وفقاً لبيانات الهيئة التي أكدت أن الأوضاع السياسية والاقتصادية كانت العامل الرئيس وراء هذا التراجع.
لعل سوريا الجديدة تمكنت من امتلاك فرصتين كبيرتين لبناء مستقبلها، الأولى بسقوط نظام بشار الأسد المخلوع والثانية برفع العقوبات التي لن تتحول إلى فرصة كاملة إلا بالعمل على هندسة مناخ استثماري عصري يتمتع بالقدر الكافي من المرونة والمحفزات والميزات من تشريعات ونمط علاقات، وبنية تحتية وطاقة واستقرار مجتمع وحرية العمل والتنقل، ومنظومة تعليمية تجدد دماء القوى العاملة، والأهم توفير الأمان وضمان خلو البلاد من المظاهر المسلحة.
اندبندنت عربية
https://www.independentarabia.com/