سيرياستيبس : قال الخبير الاقتصادي أكرم عفيف : في مقاربة لواقع البالة من خلال
أهميتها واعتبارها بديلاً وملاذاً لأصحاب الدخل المحدود، ضمن ظروف اقتصادية
واجتماعية أكثر من صعبة، واتجاه المستهلك إليها، ليس فقط لرخص أسعارها، بل
لأنها سلعة جيدة ومقبولة، تتمتع بجودة تخولها مكانة أفضل من الصناعات
المحلية، والتي بدأت تتهالك بسبب فقدان جودتها..
وبالتالي انعدام القوة الشرائية أدى لتحول المستهلكين باتجاه قطاع البالة،
وهذا التحول ليس بالجديد، بل يعود لسنوات طويلة، وتحديداً مع بداية الأزمة
والتي أصبحت فيها قضايا المعيشة، تشهد تراجعاً بصورة متتابعة، ورافق ذلك
نمو طبقة من التجار والسماسرة، تحكمت في تجارتها، الأمر الذي زاد من فسادها
والتلاعب بأسعارها خلال المراحل السابقة، واليوم اختلف ذلك بتغيير الظروف،
فانخفضت أسعارها إلى مستويات مقبولة تلامس الى حد بعيد مستويات الدخل،
الأمر الذي زاد من روادها واتساع رقعة تجارها، وظهور سياسة إعادة تدويرها
من بضاعة كبيرة إلى صغيرة، والعكس صحيح، الأمر الذي جعلها من أكبر الأسواق
في سورية..
وبالتالي فإننا نجد أن معظم رواد “البالة” هي غالبية الشعب السوري، وهناك
فئات محدودة تتجه نحو المحال التجارية والماركات الكبرى، بسبب تفاوت
مستويات الدخل وقدرتها على الشراء..!
أما فيما يتعلق بتأثير “البالة” على الاقتصاد الوطني فهناك انعكاس سلبي
على واقع الصناعة المحلية بسبب حالة الفقر وانعدام القوة الشرائية، وتراجع
إنتاجية الكثير من المعامل، وبالتالي إغلاقها ولجوء المستهلك إلى محال
البالة..!
وبشكل عام اليوم توجه المستهلك نحو ما يدخل الأسواق من منتجات وسلع، ليس
البالة فحسب، بل هناك مواد أخرى غزت الأسواق ملكت المستهلك لانخفاض
أسعارها، في الوقت الذي نشهد فيه ضعفاً في طرفي آلية التسويق، الأولى القوة
الشرائية، والثانية تراجع الإنتاجية وإغلاق الكثير من المعامل والورش التي
كانت تؤمن حاجة الأسواق المحلية، نذكر على سبيل المثال “الفروج” يصل إلى
المستهلك بسعر 15 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد، في حين المحلي لو تم بيعه
بأقل من 22 ألف ليرة المربي خاسر بامتياز، وهذا مجرد مثال لحالات كثيرة من
السلع، الأمر الذي يشكل خطورة على الاقتصاد السوري لفقدانه قوة الإنتاج ..
وبالتالي هذه المرحلة تحتاج مقومات تعافٍ اقتصادي في مقدمتها تحسين مستويات
الدخل، وانخفاض الأسعار ومكافحة فوضى الأسواق، وتمويل مكونات الإنتاج
الزراعي، وإعطاء أسعار مجزية للمحاصيل الزراعية، وإيجاد منتج وطني منافس
بالجودة والسعر ليس للبالة فحسب، بل لكل المنتجات التي تدخل إلى الأسواق
المحلية، وخاصة أن توجهنا اليوم نحو اقتصاد حر الحرية ..
|