سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:01/10/2025 | SYR: 03:59 | 02/10/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


Baraka16

 محاربة البطالة والفقر في سوريا: جبلُ الشعارات والوعود
01/10/2025      



سيرياستيبس :
ناظم عيد :

يترقب فقراء سوريا سلال الدعم الموعود، بعد إفصاح وزير المالية محمد يسر برنية عن استعدادات تجري لإطلاق برنامج وإستراتيجية طموحة لمكافحة الفقر: "لن تترك فقيراً في البلاد"، كما تشي التفاصيل التي انطوت عليها إشارة الوزير.

ذاكرة موجعة

ويبدو أن اختيار برنية لمصطلح "مكافحة الفقر"، قد عاود دغدغة وجدان الكثيرين واستثار شهيّة و"إدمان" السوريين على تلقّي سلال الإغاثة والمعونات الغذائية التي تبلورت كتقليدّ ارتبط بذكريات غير بعيدة في المناطق التي كانت تحت سيطرة النظام، والأخرى "المحررة"، رغم ما اعترى آليات التوزيع من فساد وتجارة غير مشروعة. 

وفي الوقت عينه نكأ رضوضاً معنوية لأسر عفيفة تقطّعت بها السبل ووجدت نفسها وجاهياً أمام وقائع استجداء بغيضة لم تحسب لها حساباً يوماً، وتنشد بتفاؤل حذر -بعد التحرير- فرصاً مستدامة للدخل والعيش الكريم. 

لذا كان مهماً، وإستراتيجياً، لو جرى اعتماد مصطلح "مكافحة البطالة" بدلاً من "مكافحة الفقر"، لاسيما وأن تصريح الوزير حفل بجمل ومفردات من قبيل "متسول.. يتيم.. رعاية ودعم.. إصلاح نظامي الزكاة والوقف"، بالتالي اتخذ الأمر طابعاً وجدانياً أكثر مما هو اقتصادي عملي. 

 
ملف متداخل

في الحالة السورية ينبغي ألا يواجه المسؤولون عن أكثر الملفات حساسية في البعدين الاقتصادي والاجتماعي، أي عثرات وتعقيدات في تفسير مصطلحيّ الفقر والبطالة، إذ ثمة تماهٍ بينهما بما أن الأول نتيجة، والثاني هو السبب. لأن سوريا بلد زاخر بموارد متنوعة هي ما يتكفّل فعلاً بالقضاء على الفقر من خلال مكافحة البطالة، وليس العكس، ولا استدرار المساعدات والمنح الدولية. والاعتقاد أن ثمة توافق قديم على أن مشكلة سوريا ليست في نقص الموارد، بل في إدارتها، بكل ما ينطوي تحت هذا العنوان من عجز واختلالات وفساد مباشر أو غير مباشر.

فبركات وارتجاليات

لم تتصالح الحكومات السابقة في سوريا ومنذ عقود طويلة مع مراصد الاقتصاد و"متصيدي البيانات" على الإطلاق، وإن كان قد جرى الإفراج عن بعض الأرقام بين عامي 2005 و2010 بمبادرات اتخذت طابعاً ليبرالياً إلى حد ما، بمبادرات وحراك رشيق من عبد الله الدردري النائب الاقتصادي لرئيس مجلس الوزراء وقبلها رئيس هيئة تخطيط الدولة. وجرى التركيز على ظاهرتي البطالة والفقر إحصائياً، لكن لم تتجاوز نسبة البطالة في حسابات السلطة 12 بالمئة، كما لم يتجاوز معدل الفقر بعتبته العليا 21 بالمئة وبعتبته الدنيا 5 بالمئة، أي كان 5 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر الأدنى. واللافت "المريب" أنّ هذه الأرقام ترافقت مع إعلان نسبة نمو في الناتج الإجمالي السوري قاربت 7 بالمئة، وهذا التناقض بين معدل النمو ووقائع البطالة والفقر أثار جدلاً صاخباً حينها، كانت تلجأ معه الحكومة إلى معايير منظمة العمل الدولية في حسابات معدل البطالة "لا يعتبر عاطلاً عن العمل كل من عمل لمدة ساعتين قبل أسبوع من موعد المسح الإحصائي لظاهرة البطالة". لكن بقيت الوقائع تفرض نفسها بقسوة ومشاهد الفقر في أقاصي الأرياف وأحزمة المدن لم تخف نفسها يوماً.


المشروعات الصغيرة

درجت مقولة رسمية في سوريا في ذروة مزاعم حكومات ما والعمل ديالا الحج عارف، صاحبة النصيب الأكبر من تكرار عبارة صدعت رؤوس الجميع دون إسقاطات فعلية على الأرض.

وإن كان علينا الاعتراف بسلامة التوجه الرسمي في التعاطي مع ملف البطالة والفقر على طريقة "أعلمه الصيد" إلا أن ثمة إخفاق واضح حصل وعلى الجميع الاعتراف به. فقد لاذت السلطات التنفيذية بالمشروعات الصغيرة كخيار إنقاذي للسوريين من البطالة وكتحصيل حاصل من الفقر، وتم إحداث هيئة متخصصة ولدت بمسمى هيئة مكافحة البطالة، ثم استبدلت التسمية بهيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبقيت الهيئة "تصارع" مذ ذاك حتى سقوط النظام في 8 كانون الأول 2024، وبكل أسف لم تكن تكافح البطالة والفقر بقدر ما كانت تصارع طواقم تنفيذية "تكافح" بشكل غير مباشر من يكافح البطالة والفقر، لأن مشروعات الفقراء لا تعد بدسم وعلاوات وعمولات من تحت الطاولة كما هو الحال في المشاريع الامتيازية الكبرى. وهذا ما يفسر وقائع إحجام البنوك الرسمية ودوائر التسليف عن التعاطي بجدية مع مسارات التمويل الخاصة بمشروعات الفقراء.

خيار إستراتيجي راهن

الآن يبدو الخيار الأهم لدى الإدارة السورية الجديدة في توجهها نحو مكافحة الفقر، هو التركيز على مكافحة البطالة، الماكينة النشطة لإنتاج متوالية طوابير الفقراء.

ومكافحة البطالة تمر عبر بوابة واسعة ورحبة اسمها المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمشاريع الأسرية التي تعد بقيم مضافة حقيقية في الجغرافيا السورية الحافلة بالموارد. وإن اقتنعنا بهكذا خيار، لا بد من تحري أسباب فشل دعم وتوطين هذه المشروعات التي تؤسس لإستراتيجية إنقاذ حقيقي على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، ومن ثم الاستدراك بخط راجع هادئ ومدروس.

هنا نقف قليلاً عند الخبير الاقتصادي إيهاب اسمندر، الذي شغل موقع مدير عام هيئة تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة في سوريا لفترة ليست بالقصيرة. وهو يؤكد أن قطاع المشروعات الصغيرة لم ينجح في سوريا بسبب عدم إصدار استراتيجية وطنية لتنمية القطاع وهذا تتحمله الحكومات السورية المتعاقبة، بالرغم من إعداد المسودات من قبل مختصين، الأمر الذي أدى لتشتت الجهود المبذولة وتبعثرها، وغياب تحديد الجهة المعنية بالإشراف عليه، ولم يكن هناك بالتالي دعم للقطاع مما جعل هذه المشروعات تواجه مشكلاتها لوحدها في ظروف صعبة كما بقيت معظم المشاكل بلا حل.

برزخ التمويل

يشير اسمندر في حديثه لـ"المدن" إلى معاناة القطاع من ضعف التمويل، إذ رفضت معظم المصارف التقليدية تمويل المشروعات الصغيرة وخصوصاً الجديدة منها، إذ تعتبر أن أصحاب هذه المشروعات لا يتمتعون بالجدارة الائتمانية وتضع شروطاً معقدة بعض الشيء لا يحققها معظمهم. أما مؤسسات التمويل الصغير فعددها 4 فقط ولا تغطي أكثر من 6 بالمئة من احتياج القطاع للتمويل مع فوائد مرتفعة (تصل لأكثر 18 بالمئة سنوياً) وبشكل عام حصة القطاع في سوريا من إجمالي التسهيلات المصرفية، لم تتجاوز خلال الفترة 2024- 2018 أكثر من 3 بالمئة (من أقل دول العالم).

بيئة متخلفة وإجراءات معقدة

يلفت سمندر النظر إلى أن قطاع المشروعات الصغيرة كان يعمل في بيئة أعمال متخلفة في سوريا. كما تتصف سوريا بإجراءات معقدة جداً لترخيص المشروع الصغير التي قد تستغرق أكثر من عام، وتتطلب في بعض الحالات أكثر من 40 وثيقة.

وقد واجهت المشروعات الصغيرة صعوبات في الحصول على الآلات والتجهيزات المناسبة أو عدم القدرة على صيانتها ( 43 بالمئة من المشروعات الصغيرة لديها صعوبات فنية تتعلق بالآلات)، إلى جانب ارتفاع تكاليف التشغيل بسبب اضطرار المشروعات لشراء المازوت والفيول بأسعار مرتفعة من السوق وعدم توفر الكهرباء والحاجة لتوليدها بمولدات فردية.
قصور 

من ناحية دراسات الجدوى الاقتصادية ينبغي ألا تزيد تكلفة النقل عن حوالي 5 إلى 15 بالمئة من التكلفة الإجمالية، بحسب طبيعة السلعة ووسيلة النقل، لكنها كانت تصل في سوريا في كثير من السلع لأكثر من 30 بالمئة وهذا يعني أن النقل مرتفع السعر قد يكون سبب في خسارة المشروع. هذا إلى جانب هجرة معظم أصحاب الكفاءة المهنية والفنية والشباب، مما أدى لمعاناة أكثر من 50 بالمئة من المشروعات الصغيرة في سوريا من نقص العمالة. فما زال قسم كبير من أصحاب المشروعات يصرون على الاعتماد على أنفسهم وعدم الاستفادة من المختصين في الدراسات اللازمة، مما قد يؤدي لفشل المشروع (80 بالمئة من المشروعات الصغيرة التي اغلقت في غضون عام واحد كان سببها عدم إعداد دراسة جدوى ودراسة تسويقية بشكل مناسب).

ويختم اسمندر أنّ معظم عوامل فشل قطاع المشروعات الصغيرة ما زالت قائمة، إذا لم يتم البدء أولاً بوضع استراتيجية وطنية بشكل علمي ومن مختصين لتجاوز تحديات القطاع وخلق فرص نجاحه.

المدن 


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس