سيرياستيبس :

يواجه قطاع النقل في سورية صعوبات تشغيلية كبرى نتيجة تداعيات السنوات الماضية، حيث تراجع النقل السككي إلى 20% من إمكاناته المتاحة، بينما عانت الطرق من ضعف الصيانة وتدهور تجهيزات السلامة المرورية. وأوضح وزير النقل السوري الدكتور يعرب بدر، الذي يشغل الحقيبة الوزارية للمرة الثانية بعد توليه لها بين عامي 2006 و2011، أن الوضع الحالي أكثر تعقيداً مما كان عليه عام 2011، مع تحديات بارزة تشمل تسجيل المركبات، وتوقف مدارس تعليم السواقة، وتعثر الفحص الفني للمركبات.

وفيما يخص السكك الحديدية، أشار بدر إلى أن حجم الأضرار يُقدر بنحو 5.5 مليارات دولار (55 تريليون ليرة سورية)، وهو رقم يتجاوز الموازنة السنوية للحكومة. وأكد أن الهدف ليس فقط استعادة القطاع لما كان عليه، بل تطويره ليواكب تطلعات المواطنين، مشيراً إلى أن النقل السككي في سورية قبل 2011 لم يكن على المستوى المطلوب رغم التحسينات التي طرأت عليه.

أما من ناحية هيكلية الوزارة، فقد جرت تعديلات تهدف إلى معالجة النقص الإداري، حيث يتم العمل على وضع هيكلية جديدة تتماشى مع توجهات الحكومة السورية، بالتنسيق الوثيق مع وزارة التنمية الإدارية.

إعادة الربط مع دول الجوار

أكد الوزير أن الربط السككي والطرقي مع دول الجوار يُعد أولوية رئيسية، إذ يتم التفاوض مع تركيا والأردن لتسهيل حركة البضائع والركاب. فقد عُقدت اجتماعات ثنائية مع وزراء النقل في البلدين، وطرحت العقبات التي تحول دون الانتقال السلس للبضائع والأشخاص.

وكشف بدر عن مشروع مذكرة تفاهم مع تركيا تتيح دخول الشاحنات السورية إلى الولايات التركية المجاورة بغض النظر عن المواصفات الفنية، على أن يُسمح للشاحنات المطابقة للمواصفات الفنية التركية والأوروبية بالوصول إلى تركيا ودول أوروبا

أما على صعيد العلاقة مع الأردن، فقد جرى اجتماع بين الوزير السوري ونظيرته الأردنية في المجلس الأعلى للتنسيق بين البلدين، حيث جرى الاتفاق على عقد اجتماع للجنة الفنية المشتركة بعد عيد الأضحى، بهدف إزالة العوائق أمام النقل البري بين سورية والأردن، تمهيداً لوصول الشاحنات إلى دول الخليج العربي.

إحياء الخط الحديدي الحجازي

ومن بين المشروعات الطموحة التي تعمل عليها وزارة النقل السورية إعادة إحياء "الخط الحديدي الحجازي"، الذي بُني عام 1908 لربط دمشق بالمدينة المنورة عبر الأردن، إذ يجرى الحديث عن إنشاء خط سككي عالي السرعة بسرعة 250 كيلومتراً في الساعة، يحقق اتصالاً بشبكة الخطوط الحديدية الأوروبية عبر تركيا، ومن ثم يمتد إلى دول الخليج العربي. وأوضح بدر أن هذا المشروع لن يحقق أهدافه إلا إذا نُظر إليه كمشروع إقليمي يخدم المنطقة بأكملها، وقد ناقشت الوزارة هذه الرؤية مع جهات مانحة، مؤكدة أهمية التعاون الدولي لإنجاحه.

مشروعات النقل الداخلي 

رغم الأضرار المحدودة التي لحقت ببنية النقل الجماعي، إلا أن الخدمات تأثرت بشكل كبير، مما دفع الحكومة إلى دعم القطاع عبر توزيع 50 حافلة كهبة من بيلاروسيا على شركات النقل الداخلي في دمشق، حلب، حمص، واللاذقية، وسط آمال باستلام دفعات جديدة من دول صديقة. كما بدأ مستثمرون سوريون بدخول قطاع النقل الجماعي، وسط جهود لتحديث اللوائح التنظيمية لضمان جودة الخدمة. وفي سياق النقل المستدام، يجري العمل على السماح بترخيص شركات التكسي الكهربائية، حيث تم اكتشاف غياب الإطار التنظيمي اللازم، ما دفع الوزارة إلى تعديل القوانين لتسهيل دخول هذه الشركات إلى السوق، ضمن رؤية حكومية لدعم النقل الصديق للبيئة.

وتشهد الوزارة اهتماماً متزايداً من الدول الصديقة والمستثمرين العرب والدوليين لدعم قطاع النقل، إذ أكد بدر تلقي اتصالات من وزير النقل القطري، وهناك زيارة مرتقبة له إلى سورية لبحث فرص التعاون. كذلك تلقت الوزارة اتصالات من موانئ دبي التي أبدت اهتمامها بالاستثمار في السكك الحديدية، ووقعت اتفاقية تعاون في مجال النقل البحري. وأكد الوزير أن الحكومة ملتزمة بالعمل الدؤوب لإعادة الألق للاقتصاد السوري وتحسين أوضاع قطاع النقل، بما يحقق رضا المواطنين، مشدداً على أن نتائج هذه الجهود ستظهر قريباً على أرض الواقع.

العربي الجديد