ما أكثر ما تريد هذه الحكومة تنفيذه ولكن هل تستطيع ؟  
سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:29/03/2024 | SYR: 09:55 | 29/03/2024
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE

Sama_banner_#1_7-19


خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18



HiTeck


runnet20122



Baraka16

 بين المُرّ والأمرّ جمعيات أهلية تسرق موظفيها.. برضاهم
19/10/2020      



 


 

أن تُقهر باسم المقهورين.. وأن تُنتهك إنسانيتك باسم الإنسانية.. وأن يُسرقَ جهدُك باسم العطاء؟
هذا ملخصٌ مكثفٌ جداً عمّا يحدث في الكثير من الجمعيات الأهلية والخيرية التي تحتال وتسرق من أجور«متطوعيها»، هذا السلوك لا ينطبق على الجميع، لذا قلنا الكثير من الجمعيات، لكي لا نقع في فخ التعميم، فبعضها مشهودٌ لها بالنزاهة وبالعمل الكفوء.
وتبدأ حكايتنا ؛ من الفقر والحاجة ، ومن مقولة، تكاد تتحول إلى نهج: (رماني عالمرّ.. الأمرّ منه).. ما سبق ليس جديداً، ، لكن المستفز، أن ما يجري، يجري باسم الإنسانية، وباسم شعار نُصرة الإنسان الذي ترفعه هذه الجمعيات.. فكيف يستقيم أن تقهر إنساناً لتساعد آخر؟
سرقونا وقبلنا
ما إن طرحت «تشرين» سؤالها حول التعرض للاحتيال والسرقة خلال العمل في إحدى الجمعيات، حتى انهالت الرسائل بالعشرات، رسائل متشابهة المضمون، وجميعها تضج بالقهر، وكان قهراً مضاعفاً، قهر السرقة، وقهر القبول بها تحت سطوة الحاجة.
أما القاسم المشترك بين كل ما وصل إلينا كان: (نرجوكم ألا تذكروا أسماءنا ولا أسماء الجمعيات، لأنهم سيعرفون بطريقة أو بأخرى أننا تكلمنا، وهذا سيؤدي إلى فصلنا من العمل وعودتنا إلى الشارع بحرفية الكلمة، خاصة أننا عندما اجتمعنا مع مديري الموارد البشرية في الجمعيات، لم يجبرونا على الموافقة، بل وافقنا على أن نُسرق بملء إرادتنا).
لذا سنعتمد فيما سنسوقه من معلومات وشكاوى على الأسماء المستعارة:
(سمر) تعمل منذ أكثر من 9 أشهر في إحدى جمعيات دمشق ، تقول إنه وبعد أشهر من العمل، حدثت (بلبلة) كبيرة في الجمعية، لم نعرف سببها إلا بعد فترة معينة،– كما تبين- هو أجورنا التي نتقاضاها ناقصة بعد انكشاف الموضوع من قبل المنظمة الممولة.
وعند سؤالها عمّا فعله المتطوعون بعد أن عرفوا بالسرقة قالت: لم نفعل شيئاً، ولن نفعل شيئاً، فالمبلغ الذي نحصل عليه جيد نسبياً، وإن تركت العمل فإنني لن أحظى بفرصة مماثلة.
أما (عمار) العامل في المجال النفسي، فقال: إنه لا يزال يعمل مع جمعية لديها مشاريع في الدعم نفسي، وكانت الأمور تسير بشكل طبيعي إلى أن زار دمشق المدير الإقليمي للمنظمة الممولة، واجتمع بالكادر وسألهم عما يتقاضونه، وكانت المفاجأة بأنه أقل من الأجر الحقيقي المحدد، وهنا كانت المفاجأة للطرفين، فعادة، وحسبما تبين من مجريات هذا التحقيق، وإفادات أصحاب الشكاوى، أن الأغلبية يعرفون بأنهم مسروقون وموافقون على سرقتهم، أما في هذه الحالة، فالسرقة غير متفق عليها.
(سامر) طالب ماجستير في إحدى فروع العلوم الطبية، يعمل في جمعيتين خيريتين تعملان في أحد أرياف المنطقة الشرقية، يقول؛ راتبي بموجب العقد الذي وقعت عليه بإرادتي أكثر من نصف مليون ليرة شهرياً، لكنني أتقاضى أقل من خُمسه، وأنا راضٍ، فلا يوجد عمل ونحن مجبرون على أن نكون (عبيداً) لمديري الموارد البشرية الذين يصيغون عقودنا ويحصلون على موافقتنا وتوقيعنا عليها.
هاتوا.. أو إلى الشارع
أما الحادثة الأغرب التي وصلتنا خلال إعداد التحقيق، فكانت غرابتها متعددة، أولها أنها لم تصل من صاحبة القصة، بل من شخص آخر تم تكليفه بنقلها إلينا من شدة الخوف من رئيس الجمعية الذي – حسب صاحبة الشكوى – إنْ بلغه أنها اشتكت، فإنه لن يكتفي بفصلها من العمل، بل سيؤذيها لأنه (واصل جداً)، وثانيها أن المبلغ المسروق يعادل نصف ما يتقاضونه تماماً، وثالثها قصة الشكوى، وهي الأغرب؛ وذلك عندما لجأت المنظمة الممولة للمشروع إلى تسليم الأجور للموظفين بشكل مباشر عبر إحدى شركات التحويل، ليفاجأ الموظفون بأن المبلغ أكبر مما يتقاضونه بكثير، ومن ثم لتأتي المفاجأة الأكبر، وهي استدعاء رئيس الجمعية للموظفين، وإجبارهم على تسليمه المبلغ الذي كان يسرق من رواتبهم في كل شهر رغماً عنهم، وإلا.. إلى الشارع فوراً.
لكن خرقاً حدث عندما وصلتنا رسالة من الطبيب حسام الضرير الذي أصر على ذكر اسمه الكامل وعمله، بل ومكان إقامته أيضاً في حلب، ليروي لنا ما حدث معه ومع زملائه قائلاً:
عملت مع مجموعة من زملائي الأطباء في مشروع في ريف حلب، وكان أجرنا اليومي 7000 ليرة، وكان لنا زميل أبلغنا بأن أجورنا أعلى من التي نتقاضاها، لكننا لم نصدق في البداية، إلى أن استطعنا الاطلاع على عقد العمل، ليتبين أن الأجر اليومي الحقيقي هو 11500 ليرة، وعددنا حوالي 25 طبيباً، عدا عن الممرضين والموظفين والإداريين، أي أن المبلغ اليومي المسروق ضخم جداً. وأكد د. الضرير أنه في حال فتح تحقيق بالموضوع، فإنه جاهز للشهادة وذكر اسم الجمعية.
وحصلت «تشرين» على نسخة من عقود إحدى الجمعيات الموقعة مع الموظفين، وتظهر صيغة العقد استغلالاً واضحاً من قبل الجمعية، إذ إن حقل الأجر كان فارغاً، وحقل مدة المشروع فارغ أيضاً، وساعات العمل مختلفة عن ساعات العمل الفعلية، ويحق للجمعية زيادتها، ويجوز نقل عمل الموظف إلى مكان آخر، وفي حال رفض يُنهى عقده من دون إنذار.

 

مدير الموارد.. المتهم الأول
ولمعرفة دور مدير الموارد البشرية المعروف بالـ (اتش آر HR)، التقت «تشرين» ( ك.ف) مدير موارد بشرية سابق في إحدى كبرى الشركات السورية، فأكد بداية أن هناك قاعدة عمل معروفة لدى مديري الموارد البشرية هي: (الإدارة دوماً على حق)، أي أن عليه تحقيق ما تريده منه إدارته، لكن بطرق قانونية ومن دون ظلم أو استغلال أو سرقة للموظفين، وفي حال لاحظ وجود خلل ما، فبإمكانه الاعتذار، لكن هذا لن يحل المشكلة لأنه – وبكل سهولة – سيُستبدل بآخر يقوم بالمهمة.
ولم ينكر (ك-ف) أن مدير الموارد هو وسيلة التنفيذ في هذه الأعمال، لكنه قسّم الموضوع إلى قسمين؛ الأول حين يتم إبلاغه من قبل الإدارة بقيمة تمويل المشروع التي تكون أحياناً كبيرة جداً، وبقيمة ما سيتم دفعه من قيمة التمويل كأجور تكون أحياناً متدنية ومتدنية جداً، لكن من دون إخفاء حقيقة وقيمة الأجر عن الموظف، أي من دون تزوير، موضحاً أن في هذا استغلالاً وظلماً كبيرين، لكن لا يوجد في العملية خلل قانوني، وذلك لأنه يتم بموافقة الطرفين، أي أن العقد الموقع عقد إذعان.
أما النوع الثاني، فهو عندما يبلغ مدير الموارد البشرية الموظف بأجره الحقيقي المفترض تقاضيه لقاء الخدمات التي يقدمها، وبقيمة ما سيتقاضاه حقيقة، والذي قد يكون نصف الأجر أو أقل أحياناً، مبيناً أن هذا النوع هو سرقة موصوفة وليست استغلالاً، وأن على مدير الموارد الذي يبرم العقود أن يرفض القيام بشيء غير قانوني، لأن في هذا خطراً كبيراً عليه، إذ أن أي موظف الذي لديه معرفة بسيطة بقانون العمل، يستطيع أن يتسبب له ولإدارته بمشكلة كبيرة، وذلك عبر شكوى يتم خلالها مقارنة عقد العمل بالتحويل البنكي الجاري، وحينها سيظهر الفرق الكبير جداً بين قيمة التحويل وقيمة الراتب، وسيُطلب جلب ثلاث تحويلات وتقديمها إلى التأمينات الاجتماعية أو وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وهذه معلومة يعرفها كثيرون، لكن أغلبية الموظفين يقبلون بالسرقة ويذعنون للاستغلال خوفاً على أرزاقهم، ولمعرفتهم بأنهم سيُسرّحون من العمل، وسيدخلون في متاهة المحاكم المكلفة مادياً ومعنوياً، خاصة مع معرفتهم بأن هكذا صراعات ونزاعات، تكون الشركات فيها هي الأقوى دوماً والأقدر على الربح، لأنها الأقوى مادياً، ولأن لها شبكات علاقات كبيرة ستستفيد منها حتماً.
وعن سؤالنا: هل مدير الموارد البشرية شريك في هذه السرقات، أم أنه العبد المأمور كما يقال؟ أجاب (ك.ف ) بأن الأمر يختلف من مكان لآخر، ومن وضع لآخر، فإن كان مدير الموارد مفوضاً بتوقيع العقود، وكان أحد أعضاء مجلس الإدارة، أو عضواً مؤسساً، فمن المؤكد أنه لن يغامر مثل هكذا مغامرة تحتوي خطراً كبيراً يمس مستقبله المهني لو لم تكن له حصة مما يُسرق من الموظفين، لكن ليسوا جميعهم مفوضين بالتوقيع، فقد يكون رئيس مجلس الإدارة هو ممثل الشركة في القعد، ومدير الموارد البشرية هو صلة الوصل بين الطرفين فقط.
القانون مع صاحب الإثبات
ما دور القانون والقضاء في مثل هكذا موضوع؟ هل يستطيع التدخل لإنصافهم؟ وهل يستطيع الموقعون على العقود التراجع وتقديم شكوى؟ أم أنهم يندرجون ضمن قاعدة (القانون لا يحمي المغفلين) بعد تغييرها إلى (القانون لا يحمي المضطرين)؟
لمعرفة رأي القانون، التقت «تشرين» المحامي عبد الفتاح الداية، الذي أكد بداية أن الحديث في مثل هكذا مواضيع حسّاس للغاية، لأنه قد يؤدي إلى مزيد من الابتعاد عن اللجوء إلى القانون، لكن على صاحب مثل هذه المشكلات أن يعلم أن توقيعه على عقود – كما يقال على بياض – سيعود بالضرر عليه وحده.
وقال الداية: إن قانون العمل لم يكن سابقاً يشمل الجمعيات، لكنه شملها بعد صدور مرسوم تم بموجبه التعديل، وأصبحت الجمعيات تخضع لقانون العمل وأحكامه، موضحاً أنه وفي حال الخلاف بين الموظف والجمعية، فإن الشؤون الاجتماعية والعمل تلعب دور الوساطة فقط، حيث بإمكانها استدعاء الطرفين مع نسخة عن عقد العمل، لكن إن أصر كل طرف على أقواله، فإن الوساطة تفشل وتنسحب الشؤون لتسلك الأطراف المتنازعة طريق القضاء المدني المختص بهذه الأمور.
وأشار المحامي الداية إلى أن سبب صعوبة تحصيل الحق في مثل هذه القضايا، هو أن الأحكام تبنى على الجزم واليقين، ولا تبنى على الشك والتخمين حسب القاعدة القضائية الشهيرة، لذا فإن المدّعي بحاجة لإثبات دعواه، وهو لا يستطيع ذلك، بينما تستند الجمعيات إلى دليل كتابي، وبالتالي الجمعية واقعياً متمكنة أكثر، وهي – حتماً – أقوى من صاحب الشكوى، وذلك لأنها تملك موافقته المسبقة وتوقيعه وبصمته على العقد، ويصعب إثبات كلام الموظف صاحب الشكوى مهما بلغ من الحق والحقيقة.
أكثر من خلل
كل ما سبق دفعنا للعودة إلى البدايات؛ كيف بدأت القصة؟ ومتى استفحلت إلى هذا الحد؟

 

الخبير في مجال الحماية الاجتماعية – ماهر رزق أجاب «تشرين» عن هذه الأسئلة، وشدد في بداية حديثه على ما ذكرناه في المقدمة، وهو ضرورة عدم التعميم، لأن هناك جمعيات و جهات نزيهة تعمل بصدق وأمانة، وأضاف أن هذه المشكلة بدأت منذ بداية الأزمة في سورية وتزايد الدعم الإنساني بمختلف أنواعه للمهجرين السوريين، حيث تقوم الجمعيات – نظرياً – بتقديم مشروع صحي أو اجتماعي أو تربوي أو غيره للمنظمة الدولية المعنية بتمويل تنفيذه على أرض الواقع، أو بشكل أدق للمنظمة المانحة، وفي حال التقى هذا المشروع مع أولويات هذه المنظمة، تبدأ المشاورات للوصول إلى اتفاقية شراكة PCA، وهذه الشراكة، حكماً مرفقة بميزانية مؤلفة من ثلاثة بنود؛ أجور وتعويضات، مستلزمات مادية، ومصاريف بأشكالها.
الخلل الأساسي
وأضاف رزق أن الخلل الذي نتحدث عنه في هذا التحقيق يحدث في البند الأول؛ أي الأجور والتعويضات، ولا يقتصر فقط على سرقة جزء من الأجر، بل تتعدد أشكاله؛ إذ يتم أولاً وفي الكثير من هذه المشاريع تسمية متطوعين وموظفين وهميين لصالح المشروع، غالباً يكونون من أقارب أعضاء مجلس الإدارة أو الأمناء، على مبدأ (اسم إلك واسم إلي)، والحالة الثانية تكون في تعيين موظفين غير أكفاء بأجور مرتفعة نسبياً، ومن ثم اقتطاع (سرقة) فائض الراتب أو الأجر، أما الخلل الثالث والذي لا يقل عمّا سبقه؛ فهو تعيين متطوعين أو موظفين في هذه المشاريع، هم أساساً موظفو قطاع عام أو خاص.
خطأ مشترك
وأكد رزق أن الخطأ لا يقع فقط على الجمعيات، بل هو مشترك بينها وبين المنظمات المانحة، لكن خطأ الأخيرة يكمن فقط في عدم خبرتها ومعرفتها بالجمعيات وبحاجة المشروع من الموظفين أو ما يسمى «متطوعون» – مسجلاً اعتراضه على مصطلح متطوع لشخص يتقاضى راتباً يفوق راتب الوزير – موضحاً أنه ومؤخراً، بدأت بعض المنظمات باستدراك هذا الخطأ بعد عشر سنوات من العمل على الأرض، وصارت تلزم الجمعيات بآليات التوظيف المعروفة؛ أي الإعلان عن فرص العمل، وإجراء اختبار ومقابلات لانتقاء الأفضل.
الحل في التأمين
وختم رزق حديثه بالإشارة إلى أن هذه المشكلات يجب أن تنتهي سريعاً، ، مؤكداً أن هناك طريقة تضمن إنهاء كل ما سبق، وذلك عبر تسجيل الموظفين العاملين في هذه المشاريع في التأمينات الاجتماعية، لاسيما أن قانون العمل رقم ١٧ يسمح بتوقيع عقود محددة المدة، أي لن يكون هناك قلق على الجمعية من استمرار العلاقة العمالية بعد انتهاء المشروع، مبيناً أن تطبيق هذا الحل سيؤدي – أولاً – إلى تظهير فرص العمل الحقيقية، والانتهاء من مشكلة ازدواجية العمل ثانياً، والأهم، التخلص من كارثة الأسماء الوهمية.
قصتنا مع الوزارة
مع كل خطوة كنا نخطوها في التحقيق، يزداد السؤال إلحاحاً: أين وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ممّا يحدث في هذه الجمعيات؟
وفي 16 أيلول 2020، أرسلنا عن طريق الفاكس طلباً إلى المكتب الصحفي في الوزارة للقاء المسؤول عن الموضوع، وجاء الرد من الوزارة بعد حوالي أسبوع بضرورة التوضيح أكثر، فأوضحنا أكثر عن طريق مدير المكتب الصحفي الذي كان متعاوناً بشكل كبير، وتابعنا الموضوع بشكل شبه يومي، فطُلب منا توضيحات إضافية! فطلبنا تحديد موعد لنقدم كل ما يريدونه من إيضاحات والحصول على أجوبة، ولم يحدد لنا أي موعد، الأمر الذي دفعنا للذهاب إلى الوزارة من دون موعد مسبق، فتبين أن الكتاب تم تحويله مؤخراً إلى مديرية الخدمات الاجتماعية للإجابة عن أسئلتنا، علماً أن الجهة المختصة بالموضوع حسبما تبين هي مديرية العمل وليست مديرية الخدمات الاجتماعية! لكننا حصلنا من المديرية على بعض ما نريده.
الشكوى جزء من الحل
مديرة الخدمات الاجتماعية في الوزارة- ميساء ميداني قالت:
إن توثيق العقد بين الجمعية والموظف هو جزء من مهام مديرية العمل في الوزارة، ليخضع هذا الموظف كأي موظف آخر لقانون العمل، وإن مشاريع التعاون الدولي مع الجمعيات الأهلية تخضع للتدقيق من قبل المنظمات قَبل التدقيق من قِبل الدولة، والعامل فيها لا يحمل صفة موظف، بل هو متطوع يتقاضى أجوراً وتعويضات، ودور الدولة هو المساعدة في موضوع التدقيق، وذلك عبر تقديم عينات عشوائية للتحقق من صحة البيانات المقدمة في الفواتير، والجمعيات، وبمجرد توظيفها لأشخاص، فهي تعتبر رب عمل أمام قانون العمل، أي قطاع خاص، ودور الوزارة هو التحقق من مخالفات رب العمل عبر التفتيش والزيارات الدورية لمفتشي مديرية العمل.
وحسب ميداني، فإن على من تعرض للاحتيال تقديم شكوى إما لاتحاد نقابات العمال، وإما لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، إذ ليس بإمكان الوزارة القيام بأي إجراء من دون التقدم بشكوى، مؤكدة على السرية التامة في موضوع الشكاوى، وخاصة فيما يتعلق باسم المشتكي، وأن مركز خدمة المواطن الموجود في الوزارة يحتوي قسماً للشكاوى محاطاً بسرية كبيرة، وله نظام يحدد الاشخاص المطلعين على الشكوى، والمتعاملين معها قبل رفعها إلى الوزيرة.

 

وأشارت ميداني إلى أن الشكوى تساعد في معرفة الخلل الواقع، وزيارة مفتشي مديرية العمل الدورية لن تأتي بنتيجة من دون شكوى رسمية، فالخلل لن يكون ظاهراً، وقد تبدو الأمور على ما يرام خلال الزيارة، أما الزيارة بسبب شكوى معينة فحتماً ستختلف نتائجها.
وعن الحلول، قالت ميداني: إن ما يهم أكثر من معالجة الحالات التي تحدث، هو وضع إجراء يمنع وقوع هذا الخلل أساساً، فالحالة موجودة، لكن لا يوجد ما يثبتها، لذا علينا أن نسعى لإصلاح نظام العمل، ومن هذه الإجراءات الممكنة، هو أن يتحول توثيق عقد العمل الموقع بين الجمعيات والموظفين إلى توثيق إجباري وليس اختيارياً كما هو الوضع الآن، وهذا عمل مديرية العمل التي من صلاحياتها إصدار التعاميم اللازمة.
أجوبة لأسئلة لم تُطرح
كل ما سبق قادنا بشكل تلقائي ومنطقي إلى مديرية العمل في الطابق التاسع في الوزارة، فوجدنا معاون المدير الذي رحب بنا، لكنه اعتذر عن تقديم أي إجابات بسبب عدم وصول كتاب يسمح له بالحديث. احترمنا قوانين الوزارة، ورجعنا إلى مديرية الخدمات الاجتماعية في الطابق الثاني، وطلبنا من مديرتها تحويل الكتاب إلى مديرية العمل، فاستجابت على الفور، وقامت بتحويله، وتابعنا الكتاب بين المكاتب حتى تم تسجيله وتحويله، ومن ثم رافقنا المراسل مرة ثانية إلى الطابق التاسع، حيث قام بداية بتسجيله في ديوان مديرية العمل، ومن ثم رافقناه إلى مكتب معاون المدير الذي تسلم الكتاب بحضورنا.
تأملنا خيراً بالحصول على الإجابات التي من المؤكد أنها ستخدم موضوعنا بشكل كبير، لكن معاون المدير قرأ على الكتاب الجملة التالية: (يطلب من الصحفي تقديم توضيحات)، وقال: مطلوب توضيحات، فقلنا له: (هاهو الصحفي أمامك، وسيقدم لك كل التوضيحات التي تريدها)، لكنه رفض، وطلب توضيحات مكتوبة بكتاب جديد، أي كتاب جديد، وفاكس جديد، وتحويل كتب جديد! جادلناه، فأصر على موقفه الرافض لتقديم أي معلومة، وهنا انتهت زيارتنا لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل من دون أن نحصل على جوابٍ شاف للكثير من الأسئلة.
وبعد أسبوع من الزيارة، ردت مديرية العمل عبر المكتب الصحفي بإرسال صورتين لصفحة ونصف الصفحة من قانون العمل، يشرحان علاقة الجمعية بالموظفين، وكيفية عمل مديرية العمل، وإلزام رب العمل بتسجيل العاملين بالتأمينات الاجتماعية، وبعض التفاصيل عن قانون العمل؟!
أي أنهم أجابوا عن أسئلة افترضوها هم في المديرية، وليست أسئلتنا التي أردنا طرحها.
كلمة لا بد منها
قد يبدو للقارئ أن المادة ناقصة، وأن فيها هناك غياباً لبعض العناصر الضرورية؛ مثل التواصل مع الجمعيات التي اشتكى منها موظفوها.. هذا صحيح، لكننا كنا مجبرين على هذا النقص، فحجم الخوف الكبير جداً الذي لمسناه عند أصحاب الشكاوى، كبّل أيدينا، ومنعنا من مجرد التواصل مع بعض الجهات، خشية من انكشاف اسم صاحب الشكوى الذي سيؤدي إلى فصله من العمل، أو إيقافه عن العمل لحين البت بالشكوى، يضاف إلى هذا الموقف الضعيف لأصحاب الشكاوى الذين وقعّوا – ولو مجبرين – على عقود إذعان، وحتمية انتصار الجمعية على الموظف حسب الرأي القانوني الذي حصلنا عليه.
لذا، فإننا نتحمّل النقد أو الاتهام بالتقصير في إعداد التحقيق، وذلك في سبيل تنفيذ ميثاق الشرف الصحفي الذي يحتم علينا حماية مصادرنا الذين منحونا ثقتهم وشهاداتهم، لكن وفي النهاية، ما ذكرناه في مجريات التحقيق، أكثر من كافٍ لمن يريد حل هذه المشكلة.

سيرياستيبس - تشرين


شارك بالتعليق :

الاسم : 
التعليق:

طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



islamic_bank_1


Baraka16




Orient 2022



Haram2020_2


معرض حلب


ChamWings_Banner


CBS_2018


الصفحة الرئيسية
ســياســة
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس