سورية الجميلة RSS خدمة   Last Update:08/12/2025 | SYR: 13:18 | 08/12/2025
الأرشيف اتصل بنا التحرير
TopBanner_OGE



خلطات كامبو


شاي كامبو


IBTF_12-18


 الليرة السورية من سطوة الشمولية إلى الأفق الليبرالي..رحلة عذاب الاقتصاد وتعذيب المواطن
08/12/2025      


 

سيرياستيبس :

كتب ناظم عيد

تختصر سيرة العملة في سوريا، كهوية بصرية وقيمة اقتصادية، حكاية تخبّط وأخطاء تراكمية في البعدين السياسي والاقتصادي، امتدت على مدى عقود من الزمن.

وكان مريبًا تلخيص الحالة الشمولية بجرأة غير مسبوقة، والتجاوز في إسقاطاتها إلى مطارح مصنفة سيادية ترتبط بالدولة ككيان وسيرورة، لا بالأشخاص، كما هو حال العملة الوطنية.

فقد لجأت السلطات النقدية في منتصف تسعينيات القرن الماضي إلى طباعة صورة حافظ الأسد على العملة الورقية من فئة “1000” كأعلى فئة نقدية متداولة حينها. ثم صورة بشار الأسد فئة 2000 ليرة في العام 2015 وطرحت للتداول في العام 2017.

تحت غواية السطوة

اللافت أن طباعة فئة 2000 ليرة تمت بالتزامن مع طباعة فئة 1000 ليرة الجديدة في 2015، وطُرحت الأخيرة في التداول آنذاك مباشرة بلا صورة حافظ الأسد، وإرجاء طرح فئة 2000 إلى العام 2017 وهي تحمل صورة بشار الأسد. أي كان الفاصل بين الصورتين ورقة نقدية من فئة 1000 ليرة تحمل رسمًا رمزيًا لمدرج أثري “أي بلا صورة رئيس”.

وتزامن الأمر حينها مع توجيهات ومساعٍ جرت في كواليس مؤسسات الدولة، لإزالة صور حافظ الأسد من واجهات المؤسسات والمناهج الدراسية “وأينما ظهرت”، وتم تكليف مندوبين من مراسم القصر الجمهوري ورئاسة الوزراء بالمهمة، في دلالة عميقة على حجم الانفراد بالسلطة والخشية من الماضي كما التحسّب والتحوّط للمستقبل.

ملامح الكارثة

تثير تفاصيل التعاطي مع الهوية البصرية للعملة السورية “المفترض أنها رمز وطني”، وربطها بصورة شخص يُفترض أنه عابر في أدبيات الدولة والدستور المكتوب، تساؤلات كثيرة أبعد من مسألة إدراج العملة في سياق السطوة الشمولية.


فالمُلاحظ أن تضمين مظهر العملة صورة رئيس لم يكن في سياق حالة استنساخ “تسييل كمّي” لفئة متداولة، بل كان الإجراء على فئة جديدة أعلى رقمًا لكنها أقل قيمًة، بحكم عامل التضخًم الذي هو عادةً نذير شؤم لدى أصحاب القرار الاقتصادي كما المواطن. أي لم يتردد العاملون في مقصورة القرار النقدي ـ ربما قصدًا أو عفوًا ـ في إنذار المواطن والاقتصاد بمزيد من تبعات كارثة التضخّم من خلال اقتراح طباعة صورة المسؤول عن الكارثة على العملة. لكن ربما استفاق صاحب الصورة من غفلته عندما تم إقرار طباعة آخر وأعلى فئة متداولة حاليًا وهي فئة 5000 ليرة في العام 2019.

صفعة “هيثرو”

في مطلع ثمانينيات القرن الماضي كان سعر صرف الليرة السورية 390 قرشاً سورياً للدولار، أي أقل من 4 ليرات سورية، وكان متوسط الراتب الشهري للموظف 1200 ليرة “أكثر من 300 دولار”.

لكن في العام 1986 تورطت المخابرات السورية بمحاولة تفجير طائرة ركاب عائدة لشركة “العال” الإسرائيلية في مطار هيثرو بلندن “قضية نزار الهنداوي”. أعقب ذلك إجراءات عقابية دولية ضد سوريا، بدأت متوالية تدهور سعر صرف الليرة أمام الدولار من 3.9 ليرات للدولار، لتدخل عقد التسعينيات بسعر 22 ليرة وتدخل الألفية الجديدة بسعر 48 ليرة للدولار؛ أي عملية استخباراتية فاشلة ومفضوحة نسفت مقدرات البلاد والعباد.

والخلاصة أن سعر صرف الليرة السورية تراجع 12 ضعفًا خلال 14 عامًا، فيما لم يتضاعف متوسط الرواتب والأجور سوى مرة واحدة.

بعد العام 2005 طرأت ارتفاعات طفيفة على متوسط الراتب في سوريا الذي وصل في العام 2011 بداية اندلاع الثورة إلى ما بين 8 و12 ألف ليرة سورية يكفي الأسرة الثلث الأول من الشهر بحدود إنفاق دنيا. وربما هذه المعادلة كانت كافية لتلخيص معاناة اقتصاد ومواطن، في زمن كان موسومًا بالاستقرار. استقرار باقتصاد ممسوك لا متماسك، فسعر الصرف وإن توقف عند حاجز 48 ليرة للدولار، إلا أن تقديرات البنك الدولي لقيمة الليرة زادت عن 75 ليرة للدولار الواحد.

استنزاف الاحتياطي

دخلت سوريا “حقبة الثورة” باحتياطي مركزي يقارب 22 مليار دولار، لكن مع سقوط النظام والتحرير لم يبق إلا النذر اليسير مما كان.

ويبدو أن استنزاف الاحتياطي جرى في سياق عمليات قرصنة موصوفة من قبل السلطة، عبر إعلانات دورية مريبة “أسبوعيًا أو شهريًا” عن طرح المصرف المركزي شرائح بملايين الدولارات من قبيل التدخل في السوق لموازنة المعروض الدولاري. لكن الغريب أن “المركزي” كان يطرح الدولار بسعر أعلى من السوق السوداء، فتكون النتيجة رفع سعره رسميًا وفي السوق الموازي، حتى بات المواطن يتوجس ويحسب ألف حساب لما هو آت بعد كل تدخل من تدخلات “المركزي” المشبوهة.

حصيلة كل ما سبق من ممارسات تخريب، أوصلت سعر الدولار إلى ما يزيد عن 15 ألف ليرة سورية، وهو رقم كارثي وضع البلاد أمام برزخ مجهول مابعده.

تقهقر مشهود

في سياق ما سبق عرضه، يوافقنا الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي، بأن الليرة السورية عانت على مدى السنوات الماضية حالة تراجع حاد وفقدان استقرار إذ فقدت أكثر من 2000% من قوتها الشرائية، وأصبح سعر الصرف يتغير بشكل يومي، ما انعكس مباشرة على حياة المواطن السوري.

ويرى قوشجي في حديث إلى “المدن” أن أسباب هذا الوضع تشمل العقوبات الاقتصادية الدولية التي حدّت من تدفق العملات الأجنبية، وتراجع الإنتاج المحلي نتيجة الدمار الذي لحق بالبنية التحتية. والاعتماد على السوق السوداء في تحديد السعر الفعلي للعملة. وغياب الثقة بالعملة الوطنية وتفضيل الدولار أو الذهب كملاذ آمن.

ملامح مطمئنة

بدأت سوريا منذ التحرير مسارات تحول واضحة وسلسلة إجراءات حكومية ممنهجة.

ويوضح قوشجي أن الإدارة الجديدة للبلاد اتخذت، منذ بداية سقوط النظام وحتى اليوم، مسارات عدة للتعامل مع الملف النقدي، تمثلت بتثبيت سعر الصرف رسميًا عبر المصرف المركزي، لكن من دون سيطرة مطلقة على السوق السوداء، إضافة إلى إطلاق مبادرات لدعم الإنتاج المحلي. لكنها بقيت محدودة التأثير بسبب ضعف التمويل والفساد الإداري.

تذبذبات صارخة

يستعرض الخبير قوشجي إحداثيات ارتباك الليرة بين التذبذب ثم الاستقرار، ويلفت إلى أن الليرة السورية مرت بمراحل متباينة:

• مرحلة التذبذب الحاد (2019 -2011): حيث كان سعر الصرف يتغير على نحوٍ يومي وأحيانًا بالساعات.

• مرحلة الانهيار الكبير (2020–2023): مع وصول الدولار إلى مستويات قياسية تجاوزت 14000 ليرة.

• مرحلة الاستقرار النسبي (2024–2025): نتيجة تدخلات حكومية أكثر صرامة، مثل تشديد الرقابة على السوق السوداء، وإجراءات لتوحيد سعر الصرف.

لكن هذا الاستقرار يبقى هشًا برأي قوشجي، إذ يعتمد على إجراءات إدارية أكثر من اعتماده على إصلاحات اقتصادية حقيقية.

لكن الخبير الاقتصادي والمصرفي يجزم بأن الحكومة وفرت بعض الاستقرار النفسي للمواطنين، وأعطت انطباعًا بوجود سيطرة نسبية على السوق. ولكن في الحقيقة هناك ضرورة لمعالجة جذور الأزمة، مثل ضعف الإنتاج، غياب الاستثمارات، وانعدام الثقة بالعملة. فالنتيجة: المعالجات كانت أقرب إلى “مسكنات” قصيرة الأمد، دون خطة استراتيجية طويلة المدى.

 

د. قوشجي: تعزيز الإنتاج المحلي عبر دعم الزراعة والصناعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد والاعتماد على السوريين في الاستثمار

وصفة مديدة

ثمة وصفة يراها الخبير ناجعة للخروج من الأزمة، أولها تعزيز الإنتاج المحلي، عبر دعم الزراعة والصناعة لتقليل الاعتماد على الاستيراد والاعتماد على السوريين في الاستثمار، لا على الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يساعد على التعافي لكنه لا يصنع نمواً اقتصادياً. لذلك لا بد من إصلاح النظام المصرف وزيادة الثقة في القطاع المالي وتشجيع عودة دوران النقود في الجهاز المصرفي لجمع المدخرات ولتمويل الاستثمار، وبعد ذلك يمكن استقطاب الاستثمارات الخارجية عندما تتحسن البيئة القانونية والاقتصادية.

ويصل الخبير المصرفي إلى ما يخص التفكير بحذف الأصفار من العملة في هذه المرحلة الاقتصادية الحرجة، ويعتبره إجراء نفسياً وتنظيمياً، لكنه يجب أن يترافق مع إصلاحات حقيقية.

فالليرة السورية، في رأيه، تعكس صورة الاقتصاد الوطني بكل أزماته وتعقيداته. وبالرغم من محاولات الحكومة أن تتدخل وتضبط السوق، فالحل الحقيقي يبقى كامناً في إصلاحات اقتصادية جذرية تعيد الثقة في العملة وتعيد إلى المواطن جزءًا من قوته الشرائية المفقودة.

المدن


طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق

 
 

سورس_كود



Baraka16


Orient 2022


معرض حلب


الصفحة الرئيسية
مال و مصارف
صنع في سورية
أسواق
أعمال واستثمار
زراعـة
سيارات
سياحة
معارض
نفط و طاقة
سوريا والعالم
محليات
مجتمع و ثـقافة
آراء ودراسات
رياضة
خدمات
عملات
بورصات
الطقس