في ظروف البلاد الحالية .. رفع الدعم رقصٌ على حافة الهاوية .. وتخلّي عن القوة نحو ساحة ضعيفة .. بل ومدمِّرة

دمشق - خاص - سيريا ستيبس

رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك اسعار بنزين الاوكتان ومعها كل الحق .. قياسا الى الفئة التي تستهلكه

الخبر تم تسويقه استنادا الى ما تم إثارته في مجلس الشعب ..

وما يثار في مجلس الشعب لا يغدو الاوكتان فيه إلا هامش بسيط لأن ما أثاره بعض النواب قد يقودنا الى التحرير .. الذي تحمس له الوزير البرازي .. والوزير البرازي لم يكن ليتحمس ويعلن حماسته لو لم يكن هناك تفكير جدي بالأمر على الأقل كمقدمة لرفع اسعار المشتقات ؟

لا نريد استباق الامور وإن كانت المؤشرات تقول بأن هناك تخطيط لرفع أسعار المشتقات النفطية فعلا والتي ستكون الخطوة المسبقة لرفع الرواتب والتي يبدو أنها ستكون بنسبة كبيرة .. قد تكون حتى 100 % وهذا استنتاج وتوقع ؟

السؤال الذي يطرح نفسه الآن ..

هل يقول لنا أعضاء مجلس الشعب الذين يطالبون بتحرير الدعم وتوزيعه كمبالغ نقدية على المواطنين ..ماذا سيبقى من مبالغ الدعم في ظل ما تعانيه البلاد من تضخم وارتفاع الأسعار وتذبذب سعر الصرف وعدم استقراره نتيجة ما تعانيه وتمر به البلاد

هل ستكون الأسرة قادرة على تغطية ثمن المازوت في حال ارتفع سعره من مبلغ الدعم الذي ستأخذه .. هل سيكون مبلغ الدعم قادراً على تلبية احتياجات مهمة كالمازوت والغاز وحتى الخبز فيما لو تراجع سعر صرف الليرة ولو قليلا .. وارتفعت الاسعار ماذا سيحدث ؟ ليقل لنا المتحمسون للتحرير ماذا سيحدث وما هي الحلول التي سيقدمونها آنذاك خاصة وأن المتغيرات سريعة ولا يمكن ضبطها والسيطرة عليها في ظل ما تعاني منه البلاد .

منظومة الدعم في سورية تحتاج الى حماية من الفاسدين تحتاج الى اتقان ايصال الدعم الى مستحقيه وضمان العدالة في توزيع الدعم ..أي تحرير سيحرم الكثيرين وسيجعل حياتهم أصعب في الحصول على المازوت والبنزين والغاز وغيرها وقد يصلون الى مرحلة العجز الفعلي عن تأمين هذه المواد ..

لا تمارسوا حالة إغراء الناس ببعض العمليات الحسابية على مبالغ الدعم التي تقدمها الدولة وتصوير أن مبلغ ما يوزع نقدا يمكن ان يحسن ظروف الناس المعيشية ؟

فمادامت البلاد تمر بكل هذه الظروف الصعبة من العقوبات والحصار وسرقة نفطها وقمحها، ومادامت بؤر الحرب لم تنتهِ بعد فإن الدعم يظل صمام أمان لغالبية الناس في الحصول على المواد المدعومة والتي هي مواد اساسية لا يمكن الاستغناء عنها ..

في كل ذلك يبقى سيناريو رفع أسعار المواد المدعومة مع رفع الرواتب ورغم محاذيره أفضل من تحرير الأسعار الذي يطبلون له .. والافضل هو أن تتمكن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك من فرض مهماها على الأرض والسيطرة على طمع التجار على أنّ الجميع للأسف باتت حججه اقوى من إمكانيات المواطن .. فهو الوحيد الذي لا يملك القدرة على تقديم الحجة ؟

في كل ذلك نتمنى أن يبدأ التوجه العملي والتنفيذ نحو الانتاج ..زراعة .. صناعة .. حرف مشاريع تربية حيوانية .. كل شيء يعطي قيمة مضافة ويُشغل يد عاملة ويغنينا عن الاستيراد ويقينا من سطوة الاخرين ..هذا ما نحتاجه ..

متى امتلكنا ناصية الانتاج ضمن منظومة دعم حقيقية لمدخلات الانتاج وحلقاته .. نكون قد بدأنا نمشي في الطريق الصحيح .. قبل ذلك فإن التحرير مغامرة غير محسوبة النتائج ؟

هوامش :

1 – سورية تدفع فاتورة مشتقات نفطية تتجاوز الملياري دولار وسط صعوبات منهكة لتأمينها ..

2 – فاتورة القمح تقارب النصف مليار دولار

3 – حماية الدعم هو خيار قوة .. والتحرير هو تعظيم الوهم ؟

4 – البطاقة الذكية يجب أن تتمدمد لتشمل حماية كل مراحل الدعم وليس مرحلة التوزيع الأخيرة

5 – ويبقى الأمل في الانتاج ..نتمنى أن لا يبقى الأمر مجرد شعار يتناقله المسؤولون من اجتماع الى آخر ومن تصريح الى آخر ؟

طباعة هذا المقال أرسل إلى صديق