دمشق - سيرياستيبس قال أستاذ الاقتصاد المالي في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق د.إلياس نجمة:" أن الوضع المالي العام للدولة يعاني ولأسباب عديدة من اختلالات ناجمة عن عجز الموازنة العامة للدولة بسبب عدم قدرة الإيرادات العامة على تغطية النفقات، وهذه مسألة قديمة تفاقمت في هذا العام وقد تكون أكثر صعوبة لاحقاً"، وأشار الى ان، الإيرادات التي تأتي من المصادر الضريبية وشبه الضريبية وفوائض القطاع العام ليست كافية لتغطية النفقات العامة بشقيها الجاري والاستثماري منذ سنوات، وبسبب الظروف الحالية فخبراء المالية والاقتصاد يقولون أن الإيرادات العامة في العام القادم ستتراجع عن الإيرادات في العام السابق، حيث إن إيرادات الضرائب لن تكون في العام القادم أكثر من نصف ماتحقق في العام الماضي، كما إن الإيرادات البترولية ستكون بسبب المقاطعة أقل من إيرادات العام الماضي أيضاً وكلك فإن فوائض القطاع العام بشقي السيولة والموازنة بتراجع في حين أن الإنفاق العام ازداد وارتفعت معه أرقام العجز، وفي موازنة العام 2012 يقدر العجز بـ 529 مليار ليرة من أصل القيمة الكلية للموازنة والبالغة 1326 مليار ليرة. ويضيف: في تقديري فإن العجز سيكون أكثر من المتوقع وسيصل إلى 500 مليار ليرة، فإذا ما أضفنا إليه العجوزات المتراكمة عن الأعوام السابقة سنجد أننا في وضع مالي صعب جداً سيترتب عليه ارتفاعات بالأسعار وهذا سيكون له اسقاطات اجتماعية واقتصادية خطيرة، وقد درجت العادة بسورية أن يمول عجز الموازنة بقروض من البنك المركزي , ونظراً لكون المركزي لايملك الاحتياطيات اللازمة للتمويل سيضطر لإصدارأوراق نقدية إضافية تصل لمئات المليارات، وهذا يؤدي في الأعوام القادمة لنتيجتين مباشرتين وهما التضخم وارتفاع الأسعار كما سيقود هذا الوضعللضغط على أسعار الصرف وتآكل القوة الشرائية لنقدنا الوطني، حيث أن نقدنا الذي حافظ على أسعار صرف مستقرة في الماضي لم يستطع الحفاظ على قوته الشرائية لأسباب تتصل بضعف السياسة النقدية، ونستطيع القول أن القوة الشرائية للنقد الوطني في السنوات الست الماضية تراجعت بنسبة تتراوح بين 40 إلى 50%. وأشار د. نجمة إلى أنه بمواجهة هذا الوضع تقدم عدد من الخبراء بحلول على غرار مايجري بالدول الأخرى لتمويل العجز، فالبعض يموله بالاقتراض من السوق المالي الداخلي وآخرون بالاقتراض من الخارج ولكن الوضع الآن لايتيح لسورية اللجوء لهذين المصدرين من التمويل، ووفقاً لما هو جاري لايوجد إلا الإصدار النقدي كملجأ أخير متاح أمام الدولة لتلبية حاجات الانفاق العام، في حين لجأت بعض الدول أيام الأزمات والحروب للاقتراض من السوق الداخلي عبر مايسمى القرض الإلزامي أي أن تلزم الدولة أصحاب الإمكانيات المالية الكبيرة على وجه الخصوص بإقراضها مبالغ من المال بشكل إلزامي لمدة 5 سنوات وبفوائد ميسرة ريثما تتجاوز الأزمة المالية التي تعانيها لأن اللجوء للمركزي سيؤدي لمزيد من التضخم وبالتالي زيادة العجوزات في الموازنات القادمة. ومن هذا المنطلق يقترح نجمة أن تلجأ الدولة للاقتراض وبشكل إلزامي من أصحاب الفعاليات الاقتصادية الكبيرة والمؤسسات المالية والمصرفية والشركات الاستثمارية ووكالات السيارات الكبيرة لتوفير مبالغ تغطي جزءاً كبيراً من العجز إن لم تغطيه بأكمله، وسورية فيها مثل هؤلاء الأشخاص والشركات القادرين على لعب هذا الدوروالذين يملكون مليارات الدولارات سواء بالداخل أو بالخارج، وهناك مؤسسسات حققت أرباح هائلة بالسنوات العشرة الماضية بسبب الانفتاح الاقتصادي الذي مارسته الحكومة السابقة بشكل بدائي وأدى لإغناء الأغنياء وإفقار الفقراء، منوهاً إلى أن الحل هو إسعافي وضروري اليوم ويمكن أن ينظم عبر تشريع يحدد مساهمة هذه المؤسسات والشركات والاشخاص والفوائد التي يستطيعون الحصول عليها ومدة القرض، وبهذا نخلق ـ حسب نجمة ـ تكافل اقتصادي واجتماعي ونكون قد حققنا مبدأ اقتسام الأعباء على مستوى جميع الفئات، دون المساس بحقوق اصحاب الأموال الذين ستقترض الدولة منهم الأموال إذا يمكن لهم استعادتها مع فوائدها بعد 3 أو 5 سنوات. وختم د. نجمة: الكثير من الدول لجأت للقرض الإلزامي في أيام الأزمات بشكل يحافظ على مصلحة الوطن والمجتمع وأرباب العمل، وإن كان هناك من يقول أن هذا الإجراء قد يؤدي لسحب السيولة من السوق فكلامه غير دقيق، لأن الاقتراض الإلزامي ينطوي على إعادة الأموال عبر الإنفاق العام والذي هو يوم بيوم وشهر بشهر وخصوصاً إذا كانت هذه الأموال لاتغطي كامل العجز بل سيكون هناك أيضاً تمويل عبر الإصدار النقدي بجزء من الموازنة.
|